ووحدانيته لا يقترب إليها شرك ولا تلتقي بالاثنينيّة وما قد يفكر به بعض المشركين من وجود إله للأرض يستقلّ عن إله السماء ، أو إله للسماء ينفصل عن إله الأرض.
(وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) فهو مصدر الخير والخلق والتدبير الذي يرجع إليه كل شيء (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) التي ينتهي إليه علمها ، لأن حكمته اقتضت أن ينتظرها الناس من دون أن يملكوا معرفة حدودها الزمنية ، مما يجعلهم خاضعين في عمق شعورهم إلى ربوبيته المطلقة وملكيته الشاملة ، وعلمه الواسع الذي لا حدّ له ، لكونه يحيط بحياتهم كلها في المبدأ ، وفي خط السير ، وفي نهاية المصير ، ليفتحوا عقولهم وقلوبهم على الحقيقة التي تفرض نفسها عليهم من أنه ـ وحده ـ هو الرب العظيم الذي لا رب غيره ، لأن كل من عداه مخلوق ومربوب له.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) وتقفون بين يديه ، وتقدّمون حساب أعمالكم إليه ، ليحكم بينكم ، وعليكم وعلى كل تاريخ حياتكم الدنيا التي عشتم فيها عمركم.
* * *
الشفاعة لمن شهد بالحق
(وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ) التي يتطلعون إلى الحصول عليها من خلال عبادة تلك الآلهة ، لأن شفاعة كل شفيع يزعم الناس له الشفاعة لا تتم إلا بالله فهو الذي يملك الأمر كله ، فلا يستقلّ أحد عنه بشيء (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِ) وهو التوحيد والإيمان بالرسالة والرسل واليوم الآخر ، فهؤلاء هم الذين يحق لهم الشفاعة ، لأنهم انفتحوا على الله في مواقع رضاه بالحق الذي أراد للحياة أن تنفتح عليه وتتحرك فيه (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) حقيقة الأمر كله فيمن شفعوا له.
* * *
أنى يؤفك المشركون؟
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ) في خطاب يفاجئ الفطرة الصافية الكامنة في