.. وهكذا استجاب الله دعاءه في خطة إلهية أرادت أن تدفع موسى وقومه إلى الخروج من مصر بمعجزة ، ليلاحقهم فرعون وقومه ويغمرهم البحر بشكل نهائي .. وبدأت التعليمات تنزل على موسى في بداية الخطة الإلهية ..
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) فسيلاحقكم فرعون وجنوده لأنك نفذت شعارك في إنقاذ بني إسرائيل من حالة الاستضعاف التي يعيشون فيها والقهر والإذلال ، وهو أمر خطير بالنسبة للسلطة الاستكبارية ، لأن فيه نوعا من السقوط السياسي لمواقعهم القوية.
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) أي ساكنا ، بعد أن ينفتح أمامكم وتنحسر المياه عن أرضه في معجزة إلهية ، كي تقطعوه إلى الجانب الآخر ، وذلك بأن تضربه بعصاك ، وتتركه مفتوحا ساكنا كي يغري المطاردين بدخوله لحاقا بكم.
(إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) فالخطة المرسومة تقضي برجوع الماء إلى موضعه ، بعد دخول آخر جنديّ من جماعة فرعون ، وخروج آخر شخص من جماعة موسى ، وأسدل الستار على مشاهد الظلم والطغيان وقهر الإنسان ، وأغلق ذلك الجو كله ، وبقيت العبرة تنتظر الناس الذين يأخذون من الماضي دروسا للمستقبل.
* * *
وأورثناها قوما آخرين
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) من تلك الحقول المترامية المثقلة بالثمار الجنية ، والفواكه اللذيذة ، والمنفتحة على الخضرة الحلوة الساحرة ، ومن تلك الينابيع المتدفقة بالمياه العذبة التي تروي العطشى وتفجر الخصب في الأرض .. في ما كانوا يتفاخرون به ، ويشعرون بالقوة من خلاله ، على أساس المنطق الذي يرى في ذلك كله أساسا للشرعية الحاكمة (وَزُرُوعٍ) متنوعة (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) أي مساكن جميلة زاهية (وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) أي