وهذه الحجّة عظيمة الاختلال ، فإنّ الملازمة كاذبة ، لأنّ الفرق واقع في العدميّات ، كالوجوديّات ، ومنقوضة بالامتناع ، فإنّ الحجّة التي ذكرها في الإمكان ، آتية في الامتناع ، إذ لقائل أن يقول : لو لم يكن الامتناع ثبوتيا لم يبق فرق بين قولنا : لا امتناع له ، وبين قولنا : امتناعه عدميّ ، ولمّا لم يدلّ ذلك على ثبوت الامتناع ، فكذا الإمكان (١).
ثمّ الذي يدلّ على كونه عدميّا وجوه :
الوجه الأوّل : لو كان الإمكان ثبوتيا لزم التسلسل ، أو وجوب الممكن لذاته ، والتالي باطل بقسميه ، فكذا المقدّم (٢).
بيان الشرطية : أنّه لو كان ثابتا ، لكان قد شارك غيره من الموجودات في الوجود ، وامتاز عنها بخصوصيّة ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فيكون وجوده زائدا على ماهيته ، فاتّصاف ماهيّته بوجوده إمّا أن يكون واجبا أو ممكنا.
فإن كان واجبا لزم كون الممكن الموصوف بالإمكان أولى بالوجوب ، لأنّ شرط الواجب لذاته واجب. ولأنّ وجوب الإمكان غير معقول. أمّا أوّلا : فلأنّه صفة والصفة لا تعقل قائمة بذاتها ، بل قائمة بغيرها ، فلا يعقل وجوبها. وأمّا ثانيا : فلأنّه أمر نسبي لا يعقل إلّا بعد ثبوت منتسبيه.
وإن كان ممكنا كان له إمكان زائد على ماهيته ، لأنّه نسبة بين ماهيته ووجوده (٣) والنسبة مغايرة للمنتسبين وهو ثبوتي ، فيكون له إمكان آخر ويتسلسل. وأمّا بطلان التالي فظاهر.
__________________
(١) أنظر الجواب والوجوه التالية في المباحث المشرقية ١ : ٢١٢ ـ ٢١٤. ثم أنظر المناقشة في بعضهما في حكمة العين ١٤٦ وما بعدها.
(٢) أنظر الوجه والجواب عليه في شرح الإشارات ٣ : ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٣) ق : «ووجوده» ساقطة.