الوجود والعدم ، وقد بيّنا أنّهما بالنظر إلى ذاته متساويان لا يترجّح أحدهما على الآخر بالنظر إلى ذاته (١) ، والضرورة قاضية بأنّ الترجيح لا بدّ له من سبب ، وإذ ليس نفس الماهيّة، فهو خارج. ومعلوم أنّ الرجحان غير المانع من النقيض لا يكفي في حصول الراجح، لأنّ الممكن مع ذلك الرجحان ، إمّا أن يمكن طرو (٢) المرجوح عليه أو لا. فإن لم يمكن ، فذلك الرجحان ، مانع من النقيض ، وقد فرض أنّه غير مانع ، هذا خلف. ولأنّه المطلوب. وإن أمكن فليفرض واقعا في وقت ، فتخصّص أحد الوقتين بوجود الراجح والآخر بوجود المرجوح إمّا أن يكون لسبب (٣) أو لا. والثاني باطل ، لقضاء الضرورة بافتقار وقوع الممكن إلى سبب. والأوّل إمّا أن يكون الراجح معه واجبا أو (٤) المرجوح أولا ، فإن لم يكن عاد البحث ، وإن كان فالمطلوب.
وإذا تقرّر هذا فنقول : إذا فرض انضمام سبب أحد الطرفين إلى ماهيّة الممكن ، فإمّا(٥) أن يبقى الممكن على حالة قبل الانضمام من الاستواء ، وهو محال ، لاقتضائه خروج السبب عن كونه سببا ، إذ لا فرق بين وجوده وعدمه ، أو يخرج عن حدّ الاستواء إلى حيّز(٦) الرجحان ، فإمّا أن يكون لما يقتضيه السبب أو للآخر ، والثاني غير معقول ، وإلّا لكان (٧) سببا للمرجوح لا للراجح. والأوّل يقتضي كون ذلك الطرف راجحا ، وقد تقرّر أنّ الرجحان المطلق غير كاف ، بل لا بدّ من
__________________
(١) ق : ما بعد «متساويان» إلى «والضرورة» ساقط.
(٢) ق : «طرف».
(٣) ق : «بسبب».
(٤) ق : «و» وهو خطأ.
(٥) ق : «إمّا» وهو خطأ.
(٦) كلمة مطموسة نظن أنّ صوابها ما أثبتناه.
(٧) م وج : «كان».