قيامها بذاتها ، فإنّه لا يعقل لها تأصّل في الوجود واستغناء (١) عن القيام بالغير ، وإذا كانت صفة للغير كان اتّصاف الغير بها أمرا زائدا عليهما فكان (٢) للموصوفيّة موصوفية أخرى ويتسلسل. وإذا لم تكن ثبوتية استحال اسنادها إلى المؤثر.
وثانيا : أنّ البحث في الموصوفية كالبحث في الماهيّة ، بأن نقول : لو كانت الموصوفية بالفاعل لزم ارتفاعها بارتفاع الفاعل ، لكن خروج الموصوفيّة عن كونها موصوفيّة محال ، كاستحالة خروج السواد عن كونه سوادا.
وثالثا : أنّ موصوفية الماهيّة بالوجود إن كانت نفس الوجود عاد الإشكال ، وإن كانت مغايرة له ، فإن لم تكن ثبوتيّة استحال اسنادها إلى الفاعل ، وإن كانت ثبوتيّة ، فإن كانت بسيطة عاد الإشكال ، وإن كانت مركّبة ، كان الكلام في بسائطها وتركّبها ، كالكلام في الماهيّة والوجود وانتساب أحدهما [إلى] (٣) الآخر.
واعترض أفضل المحقّقين (٤) : بأنّ تأثير المؤثر ، في جعل الماهية موصوفة بالوجود ، كما هو رأي القائلين بشيئية المعدوم ، ولا يتعلق ذلك بموصوفيّة الماهيّة بالوجود ، لأنّ ذلك أمر إضافي يحصل بعد اتّصافها به. والمراد من تأثير المؤثّر هو ضم الماهيّة إلى الوجود ، ولا يلزم من ذلك محال (٥).
وفيه نظر ، لعود البحث في الضم وجعل الماهيّة موصوفة بالوجود ، وغير ذلك من العبارات ، فإنّ المستند إلى الفاعل كيفما كان إمّا بسيط أو مركّب (٦).
__________________
(١) م : «استغناها». ق : «استغنائها».
(٢) م : «وكان».
(٣) م وج : «بالآخر» ، ق : «في الآخر».
(٤) وهو المحقّق الطوسي «رحمهالله».
(٥) نقد المحصل : ١١٨.
(٦) وقد استوفى القوشجي البحث في هذا الموضوع ، فراجع شرحه على تجريد الاعتقاد : ٩٩ ـ ١٠٢.