امتياز ذلك المتعيّن عن غيره وإلّا لم يكن اختصاصه به أولى من اختصاصه بغيره ، أو اختصاص غيره به ، فيجب أن يكون اختصاص ذلك التعيّن (١) بذلك المتعيّن بعد تعيّنه ، فهو متعيّن قبل أن يكون متعينا ، هذا خلف.
الثالث : تشخّص الشخص الذي له ما يشاركه في نوعه إن كان أمرا زائدا ، فله علّة غير الماهية ، وإلّا انحصر نوعها في شخصها. وليست العلّة الفاعليّة ، لأنّ الفاعل ليس له إلّا الإيجاد ، وإيجاده له لا يقتضي أن يكون الحاصل هو ذلك بعينه ، ولا الصوريّة لتأخّر وجودها عن محلّها ، فلا تكون علّة لهويّته ولإيجاد الصورة في جميع أفراد النوع ، ولا الغائية لتأخّر وجودها عن وجود الشيء ، ولا القابليّة ، لأنّ الكلام في تعيّن ذلك القابل كالكلام في تعيّن ذلك الشيء ، فإن كان لتعيّنه دار ، وإن كان لتعيّن قابل آخر تسلسل. وإن كان لذاته ، فنوع كلّ قابل منحصر في شخصه ، وهو محال ، لاشتراك الأجسام في الجسميّة ، فإمّا أن لا يكون لها ما يقبلها ، فيلزم وجود أمور متّحدة في الحقيقة تشخّصت لا بسبب القابل ، وإن كان (٢) فتلك القوابل إن اشتركت في الماهيّة عاد الإلزام. وإن اختلفت كانت قوابل الأجزاء المفروضة في الجسميّة متمايزة بالفعل ، لكنّها غير متناهية ، فالقوابل المتمايزة بالفعل غير متناهية ، فالجسميّة الحالّة في كلّ واحد ، مغايرة للتي في غيره ، فالجسم مركّب من أجزاء غير متناهية (٣). ولا يمكن أن تكون ماهية كلّ من القابل والمقبول علّة لتعيّن الأخرى ، وإلّا لاستحال أن تحلّ في القابل الواحد إلّا حال واحد وهو محال (٤).
الرابع : لو كان التعيّن ثبوتيا لكان الموجود الواحد موجودين لا واحدا ،
__________________
(١) ق وج : «الغير».
(٢) أي كان لها ما يقبلها.
(٣) وهذا خلف.
(٤) وقد ذكر الإيجي وصدر المتألهين بعض الوجوه ، راجع المواقف : ٦٦ ـ ٦٧ ؛ والتعليقة على الشفاء : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.