الحيوان المطلق والناطق وانضمّ أحدهما إلى الآخر حتّى تحصّلت حقيقة الإنسان ، بل المراد من أنّه «حيوان ناطق» أنّه الحيوان الذي ذلك الحيوان ناطق ؛ فإنّ الناطق داخل في الحيوان ومضمر فيه ، فإنّ الحيوان لا بشرط شيء ، إنّما يحصل ويتمّ لو شرط فيه ثبوت أحد فصوله ، إمّا الناطق أو عدمه ، فإذا قيّد بالناطق يحصل بعد ذلك ، وتحقق له ماهيّة مستقلة تامّة في التعقّل ، ولا يمكن سبق وجود الحيوان قبل انضمام الناطق أو غيره من الفصول إليه ، ثمّ ينضمّ إليه أحدها ، وإلّا لكان عارضا له لا مقوما.
وكذا المقدار ، فإنّه في نفسه يمكن أن يكون خطا أو (١) سطحا أو جسما ، وإنّما يتحصّل مفهوميته بأحدها لا مطلقا ، ولا على أن ينضمّ إليه أحدها ، بل الخط هو نفس المقدار الذي لا عرض له ولا عمق ، لأنّ معنى المقدار هو شيء يحتمل المساواة من حيث هو هو لا بشرط شيء آخر ، والمقدار بهذا المعنى يمكن أن يكون نفسه خطا ، ويمكن أن يكون سطحا ، فإذا فرضناه خطا لم يكن هناك موجودان متغايران انضمّ أحدهما إلى الآخر حتّى حصل الخط ، بل هو موجود واحد.
وفرق بين هذا ، وبين أخذ المقدار بشرط أن لا يؤخذ معه غيره ، فإنّه بهذا الاعتبار يكون فصل الخط خارجا عنه عارضا له ، ويحتاج العقل في كون ذلك المقدار خطا إلى ضمّ
الفصل إليه ، فلهذا كان المقدار بهذا الاعتبار مادّة ، وكان فصل الخط صورة ، وكانا معا جزءين من الخط لا يتضمّن أحدهما الآخر ، ويمتنع حملهما على الخط بخلاف الاعتبار الأوّل. فهكذا ينبغي أن يفهم هذا الموضع.
__________________
(١) ج : «و» بدلا عن «أو» في الموضعين.