بالقياس إلى المؤثّر ، فتغايرا (١). ولأنّه يعلّل الثاني بالأوّل ، فنقول : إنّما صحّ اقتدار القادر عليه لأنّه ممكن ؛ لأنّ الإمكان علّة في صحّة تعلّق المقدورية به ، ولا يصحّ أن يقال : إنّما صحّ اقتدار القادر عليه لأنّه صحّ اقتدار القادر عليه ، فتغايرا. وليس الإمكان عدميّا للفرق بين نفي الإمكان والإمكان العدمي ، ولا جوهرا قائما بذاته ، ولا بالممكن ، لعدمه. فلا بدّ له من محلّ مغاير هو الهيولى (٢).
والجواب : قد بيّنا أنّ الإمكان عدميّ ، وأنّ الفرق لا يستدعي ثبوته كالعدم والامتناع وغيرهما من الصفات العدميّة.
قيل : الإمكان عندهم يقع بالاشتراك اللفظي على أمرين :
أحدهما : ما يقابل الامتناع وهو عندهم صفة عقلية يوصف بها كلّ ما عدا الواجب والممتنع من المتصوّرات ، ولا يلزم من اتّصاف الماهية بها كونها ماديّة.
والثاني : الاستعداد ، وهو موجود عندهم معدود في نوع من أنواع جنس الكيف ، وإذا كان موجودا وعرضا وغير باق بعد الخروج إلى الفعل ، فيحتاج لا محالة قبل الخروج إلى محلّ ، وهو المادة. فهذا البحث معهم يجب أن يكون في إثبات ذلك العرض ونفيه (٣).
وفيه نظر ، فإنّ البحث في الاستعداد كالبحث في الإمكان ، والوجوه الدالّة على نفيه دالّة على نفي الاستعداد (٤).
__________________
(١) أي الإمكان والقدرة ، فليس الإمكان نفس القدرة.
(٢) النجاة قسم الإلهيّات : ٢١٩ ـ ٢٢٠ ؛ الإشارات ٣ : ٩٧ ـ ٩٩.
(٣) نقد المحصل : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٤) راجع البحث الرابع : في أنّ الإمكان الخاص سلبي ص ١١٢.