وفيه نظر ، فإنّ فيه اعترافا بأنّهما ليس لهما ثبوت في الأعيان ، فلا يلزم وجود معروضهما فيه ، وهو المطلوب.
لا يقال : القبليّة والبعديّة إذا كانا معا في الذهن ، فلا بدّ وأن يوجد معروضهما معا في الذهن ، حتى يصحّ الحكم على أحدهما بالقبليّة وعلى الآخر بالبعديّة ، فحينئذ الحكم بالقبليّة : إمّا أن يكون باعتبار وجود معروضهما في الخارج ، وهو محال ، لعدم اقتضاء الوجود القبليّة والبعديّة. أو باعتبار ذاته وهو محال أيضا ، لأنّ الذاتين من حيث هما ذاتان لا تعرض لاحداهما القبليّة وللأخرى البعديّة. فلا بدّ من أمر مغاير لمعروض (١) القبلية ، يوجد المعروض فيه ، وباعتباره يكون قبلا وكذا البعديّة (٢).
لأنّا نقول : فنرجع بالبحث على ذلك الشيء ، لم صار أحدهما متقدما والآخر متأخّرا؟ فإن أسندتموه إلى ذاتهما فليسند إلى الذاتين. وأيضا يلزم اختلافهما بالماهيّة ، لكنّ أجزاء الزمان متساوية. وأيضا يلزم وجودهما بالفعل ، وأجزاء الزمان عندكم إنّما توجد بالفرض.
ج : لو كانت القبليّة وجوديّة لم يصحّ وصف العدم بها (٣) ، لاستحالة اتّصاف المعدوم بالموجود (٤).
واعترض عليه أفضل المحقّقين : بأنّ العدم المقيّد بشيء ما ، يكون معقولا بسبب ذلك الشيء ، ويصحّ لحوق الاعتبارات العقلية به من حيث هو معقول (٥).
__________________
(١) ق : «بمعروض» ، وهو خطأ.
(٢) م : «البعد».
(٣) مع أنّهم وصفوه بالقبلية في قولهم : «عدم كل حادث قبل وجوده».
(٤) م : «الموجود بالمعدوم» وهو من اشتباه الناسخ.
(٥) شرح الإشارات ٣ : ٩٠.