وفيه نظر ؛ لأنّ البحث إنّما هو : هل القبليّة وجوديّة أم لا؟ وإذا اعترف بأنّها عقلية بطل النزاع.
د : أجزاء الزمان يعرض لبعضها بالنسبة إلى البعض الآخر هذا التقدّم والتأخّر بعينه(١)، فيلزم أن يكون للزمان زمان آخر.
لا يقال : الفرق بين الزمان وغيره ظاهر ، لأنّ الزمان متقضّ لذاته فلهذا استغنت القبليّة والبعديّة العارضتان له عن زمان آخر ، ولم تستغن القبليّة والبعديّة العارضتان لغيره عنه. ولأنّ القول بالقبليّة والبعديّة يمكن مع القول بكون كل جزء من الزمان مسبوقا بجزء آخر ، ولا يمكن مع القول بحادث هو أوّل الحوادث ، لأنّه ينافي الإشارة إلى ما هو قبل أوّل الحوادث.
لأنّا نقول على الأوّل : أجزاء الزمان إن كانت متساوية في الماهية ، استحال تخصّص بعضها بالتقدّم دون البعض الآخر ، وإن لم تكن ، كان انفصال كلّ جزء عن الآخر بماهيته(٢) ، فيكون الزمان غير متّصل ، بل مركّبا من آنات. وأيضا تجويز وجود قبلية وبعدية لا توجدان معا في جزءين من الزمان من غير زمان يغايرهما ، يقتضي تجويز كون العدم قبل وجود الحادث من غير زمان يغايرهما.
وعلى الثاني : بأنّ معنى قولنا : اليوم متأخّر عن أمس ، ليس هو «أنّه لم يوجد معه»؛ لأنّ اليوم لم يوجد أيضا مع الغد. وإن سلّمنا ، أنّ معناه «أنّه لم يوجد معه» ، كانت هذه المعيّة اضافة عارضة لهما مغايرة لذاتيهما ، فكان المعقول منه : أنّ اليوم ما حصل في الزمان الذي حصل فيه الأمس ، وحينئذ يعود التسلسل. وإن لم يكن معناه أنّه لم يوجد معه ، بل كان معناه : أنّ اليوم لم (٣) يوجد حين كان أمس ، فلفظة
__________________
(١) أي المذكور في عدم الحادث ووجوده بعينه.
(٢) م : «بماهية»
(٣) ق وج : «لا».