حمل هو هو ، ولا شيء من الأعراض يحمل على الجوهر حمل هو هو ، فكليات الجواهر ليست بأعراض ، فهي جواهر. وأيضا لو كانت جزئيات الماهية إنّما تصير جوهرا عند وجودها في الأعيان ، ووجودها في الأعيان أمر عرضي ، لزم أن يكون عروض العارض للماهية سببا لثبوت وصف ذاتي له ، وهو محال ، ولكان زوال ذلك العارض سببا لزوال الأمر الذاتي ، وهو محال. فإذن الجواهر الكلّية جواهر.
وأيضا جوهرية الشخص إن كانت لأنّه (١) ذلك الشخص ، وجب أن يكون ما عداه غير جوهر ، وإن لم تكن لشخصيته ، بل لماهيته ، وجب أن تكون تلك الماهية جوهرا كيفما كان.
قيل عليه (٢) : لا يلزم من كون شخصية معيّنة علّة لجوهرية ذلك الشخص انتفاء جوهرية ما عداه ، لإمكان اسناد المعلول الواحد بالنوع إلى علل كثيرة.
والتحقيق أن نقول : إن عني بقولنا : كليات الجواهر جواهر ، الجوهر المقيد بقيد الكلّية ـ وهو الكلّي العقلي ـ فلا شك في أنّه ليس بجوهر. أمّا أوّلا ؛ لأنّه عرض قائم بالنفس فيستحيل صدق الجوهر عليه ، وكون مطابقه بوجه ما جوهرا لا يستلزم جوهريته. وأمّا ثانيا ؛ فلأنّ الكلّية أخذت قيدا فيها ـ وهي من الاعتبارات العقلية المأخوذة بالقياس إلى الغير ـ فلا يجوز أن يكون جزءا من المستقل بذاته الغني عن ملاحظة الغير في تصور ماهيته.
وإن عني به : الكلّي الطبيعي ـ وهو نفس حقيقة الجوهر ـ ، فإنّها جوهر ، ضرورة امتناع كون الشيء ليس نفس ذلك الشيء.
__________________
(١) م : «لازمه».
(٢) والمستشكل هو الرازي فانظر الإشكال وبعض الوجوه في المباحث المشرقية ١ : ٢٤٧ ـ ٢٤٨.