لها ، لم يحصل لها بعد ذلك.
وفيه نظر ؛ فإنّهم قد صرّحوا بأنّ المراد بالموجود هنا ليس الموجود بالفعل ، بل الماهية التي لو وجدت كانت لا في موضوع ، وهذا المعنى ثابت بالفعل للكليات كما ثبت للأشخاص ، بل هو للكليات أسبق ، لأنّه قد ثبت : أن كلّ معنى ثبت لكلي من جزئي ، فإنّه ثابت أوّلا للكلي وبالذات ، وثانيا للجزئي وبالعرض.
الوجه الثالث : من حيث القصد إلى التكوين ، فإنّه متوجه بالذات إلى صيرورة النوع شخصا ، ليمكن أن يحصل في الأعيان.
وفيه نظر ؛ فإنّ القصد بالذات في التكوين إنّما يتوجه إلى الطبائع النوعية لا إلى الشخص المنقطع ، بل إلى الطبيعة النوعية المستمر وجودها في ضمن الجزئيات بتلاحقها (١) ، فالجزئيات مقصودة (٢) بالقصد الثاني.
الوجه الرابع : السبق إلى التسمية ، لأنّ أوّل شيء عرف أنّه لا في موضوع هو الأشخاص الجزئية.
وفيه نظر ؛ فإنّ الطبيعة النوعية أسبق من الشخص في الوجودين ، فهي أسبق بالتسمية.
واعلم أنّ الأنواع أولى بالجوهرية من الأجناس لقربها من الأشخاص وبعد الأجناس عنها ، ولأنّها أشدّ مشاركة للأشخاص من الأجناس ، فنسبة الجنس إلى النوع كنسبة النوع إلى الشخص ، فلهذا كانت الأجناس ، الجواهر الثالثة (٣). وأيضا الجواهر العقلية الجزئية أولى بالجوهرية من الأشخاص الجوهرية المحسوسة ، لأنّ تلك أسباب لهذه ، والسبب مستغن عن مسببه ، فكان معنى الاستغناء ـ الذي هو معتبر في الجوهرية ـ لها أتمّ. وقد قدّمنا المنع من ذلك.
__________________
(١) كذا في ق ، وفي م : «يتلاحقها» ، والصحيح ما أثبتناه.
(٢) م : «متصورة» ، وهو خطأ.
(٣) ق وج : «السالبة» ، م : «المثالية» واصلحناها طبقا للمعنى والمباحث المشرقية ١ : ٢٤٩.