بينهما واحتياج أحدهما إلى صاحبه ، وإلّا لاستغنى كل منهما عن الآخر ، فلا يتحقق الحلول. فإن كان الحال سببا لوجود المحل سمي ذلك المحل هيولى (١) ، والحال فيه صورة ، وهما جوهران. وإن كان المحل سببا لوجود الحال ومقوّما له ، فالمحل يسمى موضوعا ، والحال فيه يسمى عرضا. وقد اشتركت الهيولى والموضوع في مطلق المحل ، والعرض والصورة في مطلق الحال (٢) ، فالجوهر إن كان محلا فهو الهيولى والمادة ، وإن كان حالّا فهو الصورة ، وإن كان مركبا منهما فهو الجسم ، وإن لم يكن حالّا ولا محلّا ولا مركبا منهما ، بل كان مجرّدا فإن تعلق بالبدن تعلّق التدبير سمي نفسا ، وإن لم يتعلق به البتة سمي عقلا ، فهذه الخمسة هي أقسام الجوهر (٣).
وقولنا في شيء ، لأنّ العرض الواحد يمتنع أن يوجد في أشياء ، بل لا يوجد إلّا في شيء واحد.
لا يقال : هذا ينتقض بالعدد ، فإنّه عرض موجود في أشياء كثيرة ، وكذا الكلّية والإضافة ، فإنّها إنّما توجد في المضافين.
لأنّا نقول : لا يشترط في وحدة موضوع العرض الوحدة المطلقة من كل وجه ، بل من الجهة التي هو بها موضوعه وإن كان فيه كثرة أخرى باعتبار آخر ، فموضوع العشرية ليس موضوعا لها من حيث هي أمور ، حتى تكون العشرية حاصلة لكل واحد من تلك الأمور ، بل حصل لتلك الأمور هيئة اجتماعية صارت باعتبارها مجموعا واحدا ، فصحّ بهذا الاعتبار أن يكون موضوعا للعشرية. لكنّ الإشكال في العشرية عائد في المجموعية والهيئة الاجتماعية والوحدة. وليس هنا إضافة واحدة توجد في المضافين على ما يأتي (٤).
__________________
(١) أو المادة كما يشير إليه.
(٢) المباحث المشرقية ١ : ٢٣٦.
(٣) انظر الأقسام في الفصل الأوّل من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء ؛ جوهر النضيد : ٢٤ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٣٦.
(٤) في مبحث الإضافة من المقولات في المقالة الثالثة.