قيل : الشك في عرضية هذه الأشياء بعينه ، شك في الجوهرية ، فإن اقتضى هذا الدليل خروج العرض عن الجنسية ، اقتضى خروج الجوهر (١) عنها ، فيلزم أن لا يكون الجوهر جنسا.
وفيه نظر ؛ فإنّا نلتزم أنّ الجوهر ليس جنسا لهذه الأعراض. وما ذكرتموه إنّما يقتضي نفي كون الجوهر جنسا لهذه الأعراض خاصّة ، لا للجواهر ، وذلك مسلّم لا شك فيه.
الوجه الثاني : معنى كون السواد عرضا ليس إلّا نسبته بالحلول في الموضوع ، والجنس إنّما يستند إلى أمر داخل في الذات ، لا إلى نسب عارضة للذات.
وفيه نظر ؛ فإنّه جاز أن يكون ذلك لازما للعرض لا نفس العرض ، كما أنّ الموجود لا في موضوع أمر لازم للجوهر وعارض له ، وبهذا أبطلتم طعن من منع كون الجوهر جنسا.
الوجه الثالث : العرضية مقولة على ما تحتها بالتشكيك ، والجنس غير مقول على ما تحته بالتشكيك. والكبرى ظاهرة ، وبيان الصغرى : أنّ تعلّق بعض الأعراض بالموضوع أكثر (٢) من تعلّق بعض ، فإنّ الإضافات والنسب أشد حاجة إلى الموضوع من البعض. (٣)
اعترض بأنّ الحكماء قالوا : إنّ بعض الجواهر قبل البعض ، ولكنّ ذلك التقدم لمّا كان في الوجود لا في الجوهرية لم يلزم اخراج الجوهر عن أن يكون جنسا ، وكذلك بعض الأعداد وإن كان متقدما على البعض ، لكنّ ذلك التقدم في الوجود
__________________
(١) م : «الجوهرية».
(٢) في المباحث المشرقية : «آكد».
(٣) أي من سائر الأعراض.