من البحث عنه.
فإنّ فيه نظرا ؛ فإنّ قوله : «العرض هو الموجود الذي لا يتحقق وجوده الشخصي ، إلّا بما يحلّ فيه» ، إن قصد بذلك محلا معينا فهو المتنازع. وإن عنى به محلا معينا شخصيا بالشخص المنتشر (١) فهو مسلّم ، لكنّ ذلك لا يمنع من انتقاله عنه. وليس الموضوع علّة فاعلية للعرض بحيث يمتنع فيها الإبهام ، بل هو علّة قابلية ، التي هي جارية مجرى الشروط ، فجاز أن يدخله الإبهام ، والمبهم من حيث إنّه مبهم ليس موجودا في الخارج ، أمّا من حيث هو هو لا باعتبار الإبهام ولا باعتبار التعيّن ، فإنّه موجود في الخارج ، وهو الطبيعة النوعية التي هي جزء من الموجودات. والعرض الشخصي جاز أن يحتاج إلى موضوع مبهم ، لا من حيث الإبهام ، بل من حيث هو هو.
وقوله : «ما لا يكون موجودا في الخارج لا يفيد وجودا (٢) في الخارج» مسلّم ، لكن قد بيّنا أنّ الموضوع لا يفيد الوجود ، بل يقبل العرض. ونمنع الفرق بين العرض والجسم ، بأنّ الجسم لا يحتاج في وجوده ـ بل في تحيّزه ـ إلى المكان ، والعرض يحتاج في وجوده إلى المحل، فجاز أن يحتاج العرض أيضا في حلوله إلى المحل لا في وجوده. وكونه لا يوجد إلّا حالّا ثابت للجسم ، فإنّه لا يوجد إلّا متحيّزا ،. فإن جعل ذلك لازما بعد تحقق الجسم فليجز جعل الحلول لازما بعد تحقق العرض.
واعلم : أنّ الحكم بامتناع الانتقال على العرض كالبيّن بذاته ، فإنّ ما لا يمكن قيامه بذاته ، ويمتنع استقلاله بالوجود منفردا عن محل يوجد فيه ، كيف يستقل بالانتقال.
__________________
(١) ق وم : «المتميز».
(٢) في النسختين : «موجودا».