المجردة صفات حالّة فيها ، ولا يصحّ ما ذكرتم من تفسير الحلول فيها ، بل معنى الحلول : اختصاص شيء بشيء بحيث يصير أحدهما منعوتا بالآخر ، فالناعت هو الحالّ والمنعوت المحلّ. وخصوصية ذلك الاختصاص غير معلومة ، وإنّما نعرفها بلازمها.
وفي النقوض نظر ، فإنّ مفهوم الاتّصاف مغاير لمفهوم الحلول ، ولا شك في أنّ الماهيات تتصف بالسلوب والإضافات ، لا على معنى حلول تلك السلوب والإضافات فيها ، فلا يمكن النقض بها. بل الحق : أن قيام البعض بالبعض ، وقيام البعض الآخر بالجوهر ، لا يقتضي امتناع حلول العرض في العرض ، ولا نفي وجوب الانتهاء إلى ما يقوم بالجوهر.
واحتج المجوّزون بوجوه (١) :
الأوّل : السواد يشارك البياض في اللونية التي هي جنس لها ، ويخالفه بفصل السوادية ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز ، فاللونيّة صفة مغايرة للسوادية قائمة بها (٢) ، وهما موجودان ، لعدم الواسطة بين الوجود والعدم ، فاللونيّة عرض قائم بالسوادية.
الثاني : كون العرض حالا في المحلّ ليس نفس العرض ونفس المحلّ ، لإمكان تعقّلهما مع الذهول عن ذلك الحلول ، وليس أمرا عدميا ، لأنّه نقيض اللاحلول ، فهو صفة قائمة بذلك العرض. ثمّ الكلام فيه كالكلام في الأوّل. فهنا أعراض غير متناهية يقوم كل واحد منها بالآخر.
واعترض (٣) : بأنّ الوجهين المذكورين اقيم فيهما الصفات مقام الأعراض ،
__________________
(١) لاحظها في نقد المحصل : ١٧٨ ـ ١٧٩ ؛ المباحث المشرقية ١ : ٢٥٧.
(٢) في النسخ : «بهما» ، والصحيح ما أثبتناه طبقا للمعنى والمحصل.
(٣) والمعترض هو الطوسي في نقد المحصل : ١٧٩.