حاصلا بالفعل كان حدّا مشتركا بين الماضي والمستقبل ، فكان متّصلا.
فأقسام الكم المتصل هذه الأربعة ، وأدخل بعضهم المكان فيه وهو خطأ ، فإنّ المكان عند أكثرهم «هو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي» (١) ، وليست كميته إلّا باعتبار كونه سطحا ، لا باعتبار ما لحقه من الإضافات.
وأمّا المنفصل : فهو العدد خاصة وهو كم ؛ لأنّه معدود بواحد فيه. ومنفصل لعدم حدّ مشترك فيه بين أجزائه ، فإنّ الأربعة إذا قسّمتها بنصفين لم تجد بينهما حدّا مشتركا ، والخمسة إذا قسّمتها بثلاثة واثنين لم تجد حدّا مشتركا بينهما ، فإن عنيت واحدا من الخمسة ليكون مشتركا ، بقي الباقي أربعة ، وإن أخذت واحدا خارجا عنها صارت الخمسة ستة.
ولا منفصل غير العدد ، لأنّ قوام المنفصل من المتفرّقات ، والمتفرّقات من المفردات (٢) [والمفردات] آحاد ، والواحد إذا أخذ من حيث هو واحد ، لم يكن الحاصل من تكثّره إلّا العدد ، وإن أخذ من حيث هو إنسان أو غيره كان الحاصل من تكثّره معدودات من جنس ذلك الواحد ، لكن كونه عددا ليس باعتبار المعروضات.
وذهب بعضهم إلى أنّ «القول» كم منفصل مغاير للعدد (٣) ، لتركّبه من المقاطع وتقدّره بها ، وكل ما يتقدّر بجزئه فهو كم ، وأمّا تركّبه من المقاطع ، فلأنّ المقطع هو أقلّ ما يمكن أن يتفوه به تاما من الأصوات ، وهو إمّا صامت (٤) ـ وهو
__________________
(١) راجع الفصل التاسع من المقالة الثانية من طبيعيات الشفاء.
(٢) ق : «من المفردات» ساقطة.
(٣) قال به المعلم الأوّل ، منطق أرسطو ١ : ٤٣ ؛ راجع أيضا الفصل الرابع من المقالة الرابعة من مقولات منطق الشفاء : ١٢٢.
(٤) أو مصوت.