وإنّما تحصل الكثرة لو كان الاشتراك بأمر ثبوتي والامتياز بأمر ثبوتي.
والتحقيق : أنّ الوجود ليس له وجود آخر وإلّا لزم التسلسل ، وكذا الماهيّات ليس لها ثبوت في أنفسها مغاير لمطلق الوجود الثابت لها ، ولا يلزم أن تكون عدميّة ، لأنّها من حيث هي هي لا ثابتة ولا معدومة على أن يكونا داخلين في مفهومها وإن لم ينفك عنها ، فالماهية المجردة عن الثبوت ليس لها ثبوت آخر ، فإنّ الماهيّة من حيث إنّها ماهيّة ليست إلّا تلك الماهية ، ولا توصف بوصفي الوجود والعدم ، لأنّهما مفهومان زائدان على مفهوم كونها تلك الماهية.
وعن الثالث : أنّا نعتقد ثبوت معنى حقيقي ، لا مجرّد لفظ وتسمية ، وذلك المعنى متصوّر لنا بالضرورة على ما سبق.
وعن الرابع : أنّ الوجوب والإمكان أمران اعتباريان عقليان من قبيل النسب والإضافات ، لا تعقل إلّا بين شيئين ، فلا يمكن أن يكون مورد القسمة هو الماهية لا غير ، لأنّه حينئذ يبقى التقدير : الماهية إمّا تكون واجبة أو ماهية ، أو لا تكون ، و (١) هذه قسمة باطلة ، فإنّ الماهية يجب أن تكون تلك الماهية ، ويمتنع أن لا (٢) تكون تلك الماهية.
وعن الخامس : أنّ هذه الحجّة تتوقّف على كون الوجود زائدا على الماهية ، لكن يمكن أن يسلّم الخصم ذلك ويمنع اشتراكه.
وعن السادس : أنّ الحكم على الشيء يستدعي تصوّر المحكوم عليه ، ولو كان الحكم على ما يطلق عليه لفظ الوجود ، فإن كان على وجود خاص وجب تصوّره ، وليس أولى من غيره ، وإن كان على وجود مطلق ثبت المطلوب.
واحتج المانعون : بأنّ الوجود نفس الماهية ، فلا يكون مشتركا ، والصغرى
__________________
(١) العبارة في م وج : «إمّا أن تكون الماهية واجبة أو تكون ماهية أو لا تكون».
(٢) ق : «لا» ساقطة.