عدمه مع وجوده ، ويلزم منه المحال ، لاشتماله على عدم الشيء ووجوده ، وفرض عدم الزمان وحده ممكن إذا لم يقترن ذلك العدم بقبل أو بعد ، وهذا الغلط ينشأ من قياس الزمان على ما في الزمان ، ومن اقتران وجود الشيء بعدمه (١).
وفيه نظر ، فإنّ للسائل أن يقول : نحن لا ندّعي إلّا أنّ عدم الزمان بعد وجوده محال لذاته ، فيكون واجبا ، وإنّما كان محالا لذاته لاستلزامه فرض عدم الزمان مع وجوده ، ولزوم المحال باعتبار اشتماله على عدم الشيء ووجوده لا يخرجه عن الاستحالة الذاتية ، لكنّ الوجوب محال.
واحتجّ مثبتوا الزمان بوجهين (٢) :
الأوّل : كلّ حركة تفرض في مسافة على مقدار من السرعة ، وأخرى معها على مقدارها من السرعة ، وابتدأتا معا فإنّهما تقطعان المسافة معا ، وإن ابتدأت إحداهما ولم تبتدئ الأخرى ، ولكن تركتا معا فإنّ الثانية تقطع دون ما قطعت الأولى ، وإن ابتدأ معها بطيء واتفقتا في الأخذ والترك ، وجد البطيء قطع أقل والسريع قطع أكثر ، فبين أخذ السريع الأوّل وتركه إمكان قطع مسافة معيّنة بسرعة معيّنة وأقل منها ببطء معيّن ، وبين أخذ السريع الثاني وتركه إمكان أقل من ذلك بتلك السرعة المعينة ، بحيث يكون هذا الإمكان جزءا من الإمكان الأوّل ، فهذا الإمكان قابل للزيادة والنقصان ، فيكون وجوديا مقدارا للحركة على ما سبق تقريره (٣).
والاعتراض من وجوه :
__________________
(١) تلخيص المحصل : ١٣٧.
(٢) لإثبات وجود الزمان طريقان الأوّل من الطبيعيين والثاني من الإلهيّين ، راجع الأسفار ٣ : ١١٥. راجع أيضا شرح المصنف على حكمة العين (إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد) : ٢٩٥.
(٣) في بيان مذهب المشاهير من الحكماء في ماهية الزمان.