أ : هذا الدليل يتوقف على إمكان وجود حركتين تبتدئان معا وتنتهيان معا ، وهذه المعيّة لا يمكن تفسيرها إلّا بالمعيّة الزمانية ، فلا يمكن إثبات هذه المعيّة إلّا بعد إثبات الزمان ، فلو أثبتّم الزمان بواسطة هذه المعيّة لزم الدور.
ب : هذا الدليل يتوقف على وجود حركتين إحداهما أسرع والأخرى أبطأ ، والسرعة والبطء لا يمكن إثباتهما ولا تعقلهما إلّا بعد إثبات الزمان وتعقّله ، فيدور.
ج : كيف يصحّ منكم الحكم على هذا الإمكان بالزيادة والنقصان مع أنّكم منعتم وصف الزمان الماضي بهما ، وقلتم : إنّه غير موجود بمجموعه في وقت من الأوقات ، وما لا يكون موجودا لا يصحّ الحكم عليه بالزيادة والنقصان (١).
الثاني : الشيء إذا قارن وجوده عدم آخر ثم وجد معه ، فإذا اعتبر وجود الأوّل مع عدم الثاني كان متقدما عليه ، وإذا اعتبر من حيث تقارنا في الوجود كان معه ، كالأب المقارن وجوده عدم الابن ، ثم يوجد الابن معه فيكون مقارنا له ، فهذا التقدم إمّا أن يكون نفس ذات الأب وهو محال ، لأنّ تقدّمه إضافي (٢). وذات الأب جوهر. ولأنّه قد قارنه بعد ذلك فكان معه بهذا الاعتبار لا قبله ، فذات الأب قد وجدت مع معيّة الابن ، ولم توجد قبليته معها (٣) ، فالقبلية زائدة على ذاته. وهذه القبلية ليست صفة لازمة ، لأنّ ذاته قد توجد عند زوال هذه القبلية عنه ، وهو حال مقارنته لوجود الابن. وليس هذا الوصف مجرد وجود الأب وعدم الابن ، لأنّا إذا أخذنا وجود الأب مع العدم الذي حصل للابن بعد وجوده فهنا قد اعتبرنا وجود الأب وعدم الابن ، وليس الأب بهذا الاعتبار متقدما على الابن ، بل متأخرا عنه ، فإذا كان الوجود متقدما تارة ومتأخرا أخرى علم أنّ اعتبار كون الأب متقدما
__________________
(١) أنظر الشكوك الثلاثة والجواب عليها في المباحث المشرقية ١ : ٧٦٨ ـ ٧٧١.
(٢) وكذا تأخر الابن ، فهما إضافتان عقليتان ولا وجود لهما في الخارج.
(٣) أي مع معيّة الابن.