إمّا زوال تلك الوحدات وتبدّلها بوحدتين حتى يعرض له معنى الثنائية ، فيكون الموضوع قد فسد ، وإمّا ارتفاع وحدة وبقاء وحدتين فقط حتى يعرض حينئذ معنى الاثنوة ، فلا يكون موضوع الاثنينية موضوع الثلاثية (١) بل جزء من موضوعها.
وأمّا الكم المتصل ، وهي المقادير والخطوط والسطوح ، فليس بعضها مضادا للبعض لوجوه :
أ : كلّ واحد من هذه إمّا قابل للآخر أو مقبول له ، والقابل والمقبول لا يوجدان إلّا معا ، ويتقوّم المقبول بالقابل ، ويكون القابل مقوّما للمقبول ، ولا شيء من الأضداد بواجب المقارنة لضده ، ولا يتقوّم أحدهما بالآخر.
ب : ليس هنا مقدار في غاية البعد عن الآخر.
ج : الموضوع لها ليس واحدا ، فإنّ الخط والسطح لا يوجدان في موضوع واحد بالذات ، بل الخط لا يوجد إلّا في السطح ، والسطح لا يوجد إلّا في الجسم ، والجسم لا يوجد إلّا في المادة.
لا يقال : إنّه قد يعرض له التضاد ، فإنّ الزوجية كميّة مضادة للفردية. والاستقامة كميّة مضادة للانحناء. والمتصل كم يضاد المنفصل. والمساوي ضد المفاوت ، والعظيم ضد الصغير ، والكثير ضد القليل. والمكان الأعلى ضد للمكان الأسفل.
لأنّا نقول : ليست الزوجية من باب الكم ، فإنّه لا تعرض لها لذاتها المساواة واللامساواة (٢) ، بل هي من باب الكيف. والوجه أنّها من باب الانفعال ، فإنّها انقسام الشيء بمتساويين في العدد ، نعم لو جعلت كيفية قائمة بالعدد مقتضية
__________________
(١) ق : «الثلاثة».
(٢) وكذا القسمة لا تعرض لها لذاتها.