فهذه أصناف اختلاف القوى باعتبار آثارها المتفاوتة بالعدّة أو المدّة أو الشدّة ، لأنّ الصادر عنها ، إمّا عمل متصل في زمان أو أعمال متوالية لها عدد ، ففرض النهاية واللانهاية فيه يكون بحسب مقدار ذلك العمل أو عدد تلك الأعمال ، والذي بحسب المقدار يكون إمّا مع فرض وحدة العمل واتصال زمانه ، أو مع فرض الاتصال في العمل نفسه ، لا من حيث يعتبر وحدته وكثرته ، كقوى يفرض صدور عمل واحد منها في أزمنة مختلفة ، كرماة يقطع سهامهم مسافة محدودة في أزمنة مختلفة ، فالتي زمانها أقلّ أشدّ قوّة من التي زمانها أكثر، ويجب أن يقع عمل غير المتناهية لا في زمان. وكقوى يفرض صدور عمل ما منها على الاتصال في أزمنة مختلفة ، كرماة تختلف أزمنة حركات سهامهم في الهواء ، ولا محالة تكون التي زمانها أكثر أقوى من التي زمانها أقل ، ويجب من ذلك أن يقع عمل غير المتناهية في زمان غير متناه. وكقوى يفرض صدور أعمال متوالية عنها مختلفة بالعدد كرماة يختلف عدد رميهم ، ولا محالة تكون التي يصدر عنها عدد أكثر أقوى من التي يصدر عنها عدد أقل ، ويجب من ذلك أن يكون لعمل غير المتناهية عدد [غير] (١) متناه. فالاختلاف الأوّل بالشدّة والثاني بالمدّة والثالث بالعدّة.
والفرق بين الشدّة والمدّة :
١ ـ أنّ الزائد بحسب الشدّة ناقص بحسب المدّة.
٢ ـ ولأنّه قد تختلف القوى بحسب المدّة دون الشدّة ، فإنّ سكون الثقيل في الجوّ لا يقبل التفاوت بحسب الشدّة ، بل بحسب المدّة.
والفرق بين العدّة والمدّة ، أنّ المدّة هي في ثبات شيء واحد ، واعتبار العدّة ليس في ثبات شيء واحد (٢).
__________________
(١) أضفناها طبقا للمعنى والسياق.
(٢) راجع طبيعيات النجاة : ١٢٧.