والإنسان في بدو نظره يعجز عن التمييز بن القضايا الوهمية والعقلية ، لأنّ أكثر القضايا التي يحكم بها الإنسان مستندة إلى الوهم ، فإذا تدبّر الإنسان وراجع عقله وفكره ، عرف استناد كلّ قضية إلى قوة ، فحكم بصحّة بعض القضايا وفساد الباقي. وأيّ ضرورة شهدت عند الفطرة بذلك؟!
وعن الثاني : أنّه لا يمكنه مد يده لا لشغل البعد بالجسم ، بل لعدم الشرط وهو الحيّز والمكان ، فإنّ شرط خروج اليد خارج العالم وجود مكان وحيّز لها ، والعالم وراءه عدم صرف لا خلاء ولا ملاء ، نعم قد يعجز الوهم عن تحصيل ذلك ، فالمرجع فيه إلى العقل.
وعن الثالث : أنّه أمر وهمي غير حاصل في الوجود فلا عبرة به.
واعلم : أنّ حكمهم بكون هذا الحكم وهمي لا عقلي (١) ، مع حكمهم بأنّ التفاوت الحاصل في الزمان المقدّر (٢) المفروض في الحركات المختلفة بالسرعة والبطء المفروضة أيضا عقلي ، لا وجه له لتساويهما في الفرض والتقدير. والحقّ أنّهما وهميان.
وعن الرابع : أنّ الكلي لا يمنع الشركة فيه من حيث المفهوم ، وإن جاز أن يمتنع لخارج عن مفهومه لازم له أو زائل ، ولا يكفي في عدم الامتناع أن لا يكون الشيء الواحد بعينه مانعا منه ، لجواز أن يمتنع لأمر آخر ، كما هو هنا.
وعن الخامس : بمنع عدم تناهي الزمان.
سلّمنا ، لكن نمنع دلالة عدم تناهي الكون على عدم تناهي الجسم ، لإمكان أن يتشكل الجسم بأشكال غير متناهية مختلفة في أحوال مختلفة.
__________________
(١) العبارة كذا في النسخ ، والصحيح طبقا للسياق أن نقول : «إن حكمهم بانّ هذا الحكم وهمي لا عقلي» أو «إنّ حكمهم بكون هذا الحكم وهميا لا عقليّا».
(٢) في النسخ : «القدر» ، أصلحناها طبقا للمعنى.