الصوري للشيء ، ومنه مشترك بين الشيء وغيره ، وليس المكان صورة للمتحرك ولا للحركة، وليس مشتركا ؛ لأنّه خاص بالمتمكّن دون غيره.
ج : لو كان كلّ جسم في مكان لكانت الأجسام النامية في مكان ، ويجب أن ينمو وأن يتحرك بحركتها ، فيكون لمكانها مكان آخر ويتسلسل إلى غير النهاية.
د : لو كان الانتقال يوجب المكان للجسم المتحرك ، لكانت السطوح والخطوط والنقط في أمكنة ، لأنّه قد يقع لها الحركة واستبدال القرب بالبعد ، كما يقع للجسم ، لوجود العلّة فيها ، ولا مدخل لخصوصيّات المنتقلات ، لكنّ التالي باطل ؛ لأنّ المكان مساو للمتمكن (١) ، ومساوي النقطة يجب أن يكون نقطة ، فمكان النقطة يجب أن يكون نقطة ، ثمّ ليس إحدى النقطتين بأن تكون مكانا للأخرى أولى من العكس ، لتساويهما في الماهية ، فتكون كلّ واحدة منهما مكانا للأخرى ، فتكون كلّ واحدة منهما حالا في الأخرى ومحلّا له ، وهو محال.
ولأنّ كلّ ما له مكان فإنّه يستحق مكانا طبيعيّا يقتضيه طباعه ، وله مكان غريب ، ويكون له ميل إلى مكانه الطبيعي الملائم له ، وميل عن الغريب ، والميل هو الثقل والخفة ، فيكون للنقطة ثقل وخفة ، وهو محال.
ولأنّ النقطة والخط والسطح أمور عدمية ؛ لأنّها نهايات ، والنهاية عبارة عن فناء ذي النهاية وعدمه ، فلا يعقل أن يكون مكانا ومحلّا للأشياء الثابتة في الأعيان ، ويستحيل أن يكون لها أمكنة.
والجواب (٢) عن ـ أ ـ أن نقول إنّ المكان جوهر قائم بذاته هو البعد ، وليس
__________________
(١) كما مرّ في ذكر أمارات المكان بأنّه لا يسع غيره معه.
(٢) راجع الأجوبة في الفصل التاسع من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ المباحث المشرقية ١ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.