لاستحالة حصول الجسم الواحد في مكانين دفعة ، وإذا لم يكن في الوسط لزم خلوّ الوسط ، وهو المطلوب.
الوجه الثالث : الجسم إمّا أن يجب فيه ملاقاة سطحه لسطح جسم آخر ، أو لا يجب ، فإن وجب لزم أن يكون كلّ سطح مماسّا بسطح آخر ، فيلزم وجود أجسام لا نهاية لها ، وهو باطل. وإن لم يجب جاز أن يوجد جسم لا يلقاه جسم آخر ، وذلك هو القول بالخلاء.
الوجه الرابع : النامي إنّما يتحقق فيه النمو لو نفذ فيه شيء ، فيكون ذلك النافذ ينفذ في الخلاء لا في الملاء.
الوجه الخامس : نرى الأجسام تتخلخل وتتكاثف من غير دخول شيء فيها أو خروجه عنها ، والتخلخل تباعد الأجزاء بعضها عن بعض بحيث يصير ما بينها خاليا ، والتكاثف رجوع الأجزاء إلى الأجزاء (١) الخالية.
الوجه السادس : القارورة (٢) إذا كبت في الماء لم يدخل فيها شيء منه ، ولو مصّت مصّا شديدا ، وختم رأسها ، ثمّ كبت فيه وأزيل الختم ، فإنّ الماء يدخلها ، ولو كان الهواء بعد المص موجودا كما كان قبله ، وكانت مملوءة به أو بغيره كما كانت أوّلا ، لم يفترق الحال فيها ، وكان لا يدخلها شيء بعده كما لا يدخل قبله.
الوجه السابع : إذا أخذنا زقّا (٣) خاليا وألصقنا أحد جانبيه على الآخر بحيث لا يبقى بينهما شيء من الهواء البتة ، ثمّ شددنا جوانبه شدا وثيقا وقيّرناه (٤) بما يمنع من نفوذ شيء من الهواء إليه ، ثمّ رفعنا أحد طرفيه عن الآخر ، فإنّه يرتفع ،
__________________
(١) كذا في النسخ ولعل الصواب «الأحياز».
(٢) القارورة جمعها قوارير : إناء يجعل فيه الشراب والطيب ونحوهما.
(٣) الزقّ : جمعه زقاق : جلد يجز ولا ينتف ويستعمل لحمل الماء.
(٤) القار والقير : مادة سوداء تطلى بها الطرق والشوارع وغيرها وهو الزفت.