الثلاثة متجاورة حصل المركب في الوسط من الأحياز الثلاثة ، وإن تباينت حصل المركب أيضا في الوسط ، وهو مكان الماء لو تركب من الماء والأرض والنار ؛ لتساوي جذب النار والأرض ، ولأنّ الأرض والماء ، وإن اختلفا في الطبيعة ، لكنّهما مشتركان في الميل إلى أسفل، فغلبا النار.
والثالث : إن تساوت حصل المركب في الوسط ، وإلّا ففي حيّز الغالب.
وقيل : لا وجود له إذ لا مكان له ، فإنّه لا أولوية هنا لأحد الأمكنة بالحصول فيه.
وليس بجيد ؛ لأنّ ما اتفق وجوده فيه أولى من غيره. نعم إنّه لا يستمر وجوده ، بل لا يوجد إلّا زمانا يسيرا جدا لانفعاله بالكيفيات الخارجية المقتضية لاستحالته إلى ذلك العنصر الموافق في الكيفية.
وهذا الاعتبار من التساوي والتفاوت في العناصر ، إنّما هو بحسب القوى دون الحجم ، فإنّه من الجائز أن يكون الأصغر في الحجم أقوى قوّة من الأكبر فيه ، فيكون المعتد به هنا القوّة دون الحجم.
تذنيب : قد يتفق لبعض الأجسام وقوف في مكانه الغريب بالطبع ، كما لو فرضنا نارا في مركز الأرض بحيث لا يكون لجزء منها ميل إلى جهة ، بل يكون مركز تلك النار حالّا (١) في مركز الأرض ، مع أنّها مصمتة ، فإنّ تلك النار تقف طبعا ؛ لأنّه لا يمكن أن تتحرك إلى جهة دون أخرى ؛ لعدم المخصّص. ولا يمكن أن تنفرج عن فرجة في وسطها تنبسط عنها إلى كلّ الجهات بالسوية إلى أن يلقى كلّ جزء من النار ما هو أقرب إليه من مقعر فلك القمر لوجهين :
أ : ذلك النفوذ إنّما يمكن بانخراق الهواء والنفوذ فيه ، والخرق لا يمكن في
__________________
(١) في النسخ : «حال» ، أصلحناها طبقا للسياق.