وقال جماعة من الأشاعرة : إنّ الإحراق لا يحصل من النار ، بل من الله تعالى ، ولا أثر للنار فيه ، بل نسبة النار إليه كنسبة الجمد إليه ، ونسبة البرد إلى الجمد كنسبته إلى النار.
وهذان القولان ضعيفان. والمعتمد استناده إلى قوة مودعة في النار حادثة بعناية الله تعالى ومقتضى حكمته.
سادسا : نقل عن الأوائل توقف إحراق النار لما يحرقه على هواء يتخلل بين النار وبين ما يحترق بها ، وتقف حركتها على الهواء ؛ لأنّ الثوب إذا وضع على جسم صقيل لم يحترق لعدم تخلل الهواء.
ومنعه المتكلّمون ، لأنّ المولد للتفريق هو الاعتماد ، سواء كان هناك هواء أو لا ، بل المانع هناك صقالة الجسم فإنّها تمنع من تخلل النار فيه. وأمّا امتناع اشتعال النار في البئر وامتناع اشتعال المصباح إذا وضع عليه ما يمنع الهواء ، فلأنّ كثافة هواء البئر تطفي السراج ، كما تطفي إذا ديس تحت الرجل ، وإذا وضع عليه حب وشبهه لم يجد منفذا فيتراجع.