الملزوم ، والتخلخل يدل عليه دلالة التضمن ، فإنّه يفيد الرقة مع الزيادة في الكم ، حتى لو لم يوجد ذلك كان الأولى بالمعنى اسم اللطافة والرقة.
وفيه نظر ، فإنّ مفهوم التخلخل الحقيقي ليس إلّا «خلع المادة مقدارا ولبسها مقدارا أكبر» وذلك غير مختص في المفهوم بالرقيق وإن كان في الوجود مختصا به في الأكثر.
ويقال التخلخل ، ويراد به تباعد أجزاء الجسم بعضها عن بعض على فرج يشغلها ما هو ألطف منها ، وليس مرادا هنا.
ثمّ إنّ اللطيف والمتخلخل بالمعنى الأوّل غير نافع في الفعل والانفعال إلّا بالعرض ، وهما جاريان مجرى الثقل والخفة ، ويكاد أن يتلازما حتى أنّ كلّ ما هو أثقل فهو أغلظ وأشد تكاثفا.
وقد يقال (١) تخلخل للانفشاش ، كالصوف المنفوش. ويقال لما إذا صار الجسم إلى قوام أقبل للتقطيع والتشكيل من غير انفعال يقع فيه. ويقال لقبول المادة حجما أكبر. فالأوّل من الوضع والثاني من الكيف والثالث كم ذو إضافة ، أو إضافة في كم. وقد يظن اتحاد الثاني والثالث. وهو غلط ، فإنّ النار أشد تخلخلا من الهواء بمعنى زيادة الحجم ، وليس أقبل منه للتشكيل والتقطيع ، فإنّ الهواء رطب جدا والنار يابسة ، والهواء إذا استحال نارا ازداد حجمه وقلّت رقته.
واعترض (٢) على قول الشيخ : «إنّ اللطيف والمتخلخل بالمعنى الأوّل غير نافع في الفعل والانفعال إلّا بالعرض» ، والمعنى الأوّل هو الرقة التي فسّرها بسهولة قبول التقطيع والتشكيل ، وهذا هو الذي فسّر الرطوبة به ، فأخرج
__________________
(١) والمعترض هو الرازي.
(٢) راجع الفصل السادس من المقالة الخامسة من مقولات الشفاء.