والخفة «قوة طبيعية يتحرك بها الجسم عن الوسط بالطبع» (١).
قيل (٢) : المركز نقطة يمتنع حصول الجسم بالكلّية فيها ؛ لاستحالة حلول المنقسم في الجهات الثلاثة الطويل العريض العميق في شيء وضعي غير منقسم ، وإذا امتنع حلول الجسم في النقطة استحال طلبه للحصول فيها.
وأجيب : بأنّ معنى (٣) الثقيل ليس أن يحصل في المركز ، بل أن ينطبق مركز ثقله على مركز العالم ، وحين صار ملاقيا سطحه مركز العالم فإنّه لا يقف هناك ، بل يتحرك وينزل إلى أن ينطبق مركزه على مركز العالم إذا لم يعقه عائق. ونعني بمركز الثقل النقطة التي يتعادل ما على جوانبها.
واعترض أيضا : بأنّ قوله «بالطبع» تكرار ؛ لأنّ الطبيعة تغني عنه.
وأجيب : أنّ قوله «بالطبع» صفة الوسط ، فإنّ منه ما هو وسط بالطبع ، وهو مركز المحدد. ومنه ما ليس بوسط بالطبع ، وهو مركز الأفلاك الخارجة المراكز ، فإنّ لكل واحد منها وسطا تكون حركته عليه ، وليس وسطا بالطبع ، بل بالنسبة إليه خاصة.
واعلم أنّه كما يقال : «ثقل» لهذه القوة الطبيعية التي يتحرك بها الجسم إلى حيث ينطبق مركز ثقله على مركز العالم أعني الميل ، كذا يقال على الطبيعة المقتضية له ، وعلى المدافعة الحاصلة ، بالاشتراك ، وكذا الخفة. لكن قولنا في التعريف : الثقل قوة طبيعية ، يتناول قوة منسوبة إلى الطبيعة ، فهي تكون مغايرة لها لا محالة ، فهذا الرسم حينئذ لا يتناول إلّا الميل ، سواء قلنا : الميل نفس هذه المدافعة أو علّتها.
__________________
(١) رسالة الحدود : ٣٤. وانظر تعريفهما في التحصيل للبهمنيار : ٦٣٥.
(٢) انظر الاعتراضات في المباحث المشرقية ١ : ٣٩٩.
(٣) أي مقتضى.