فإنّه يحسّ بثقله ، وهو ميله بالذات ، وينخرق (١) منه الهواء وهو ميله بالعرض.
فإذا طرأ على جسم ذي ميل طبيعي بالفعل ميل قسري تقاوم القاسر والطبيعة ، فإن غلب القاسر حدث ميل قسري وبطل الطبيعي. ثمّ تأخذ الموانع الخارجية والطبيعة معا في إفنائه قليلا قليلا ، وتقوى الطبيعة بحسب ذلك ، ويأخذ الميل القسري في الانتقاص وقوة الطبيعة في الازدياد إلى أن تقاوم الطبيعة الباقي من الميل القسريّ فيبقى الجسم عديم الميل.
ثمّ تجدّد الطبيعة ميلها مشوبا بآثار الضعف الباقية فيها ، ويشتدّ الميل بزوال الضعف ويكون حكمها حكم الممتزجين ، فإنّ الماء الحار لا يجتمع فيه حرارة وبرودة معا ، بل يكون متكيّفا بكيفية متوسطة بين غايتين الحرارة الغريبة والبرودة الذاتية ، تارة أميل إلى هذه وتسمى حرارة ، وتارة أميل إلى تلك وتسمى برودة ، وتارة متوسطة بينهما ولا تسمى باسمهما ، وذلك بحسب تفاعل الحرارة العارضة والطبيعة المبرّدة. كذا الميلان لا يجتمعان في الجسم على حد الصّرافة ، بل يكون أبدا ذا حال بين الميل القسريّ الشديد والطبيعيّ الشديد ، تارة يسمى بالميل المنسوب إلى القسر ، وتارة بالمنسوب إلى الطبع ، وتارة بعدمهما معا ، وذلك بحسب تفاعل الميل القسريّ والطبيعة. فكما كان فعل الطبيعة المائيّة عند وجود العرض الذي تقتضيه وهو البرودة حفظه ، وعند وجود ما يضادّه كالحرارة إفنائه ، وعند الخلوّ منهما ايجاد البرودة ، كذا فعل الطبيعة في الجسم ما دام مفارقا لحيّزه عند وجود الميل المنبعث عنها حفظه، وعند وجود ميل غريب يخالفه إفنائه ، وعند خلوّ الجسم عن الميل إيجاد الميل الطبيعي(٢).
وفيه نظر ، لأنّه إن عنى بالسبب القريب التام ، منعنا كون الميل كذلك ،
__________________
(١) ج : «يتحرّك».
(٢) شرح الاشارات ٢ : ٢١٢ ـ ٢١٤.