وفيه نظر ، لأنّ المدافعة لو لم تكن موجودة لما كانت حركته أبطأ مما لو فرض أسرع منه ، وإنّما لا يحس بها لغلبة المدافعة القسرية عليها.
لا يقال : الميل عندكم موجود آن الوصول ، وليس هناك مدافعة ، فإذن لا يلزم من عدم المدافعة عدم الميل.
لأنّا نقول : بل المدافعة موجودة في ذلك الآن ، لأنّه لو كان في ذلك الحيّز جسم آخر اندفع به في ذلك الآن.
احتج من جوّز الاجتماع (١) : بأنّ الحجرين المرميين من يد واحدة في مسافة واحدة بقوة واحدة ، يختلفان بالسرعة والبطء إذا اختلفا في المقدار ، ولا سبب لاختلافهما إلّا كثرة الميل في الكبير وقلته في الصغير.
وأجيب : بإمكان اسناد الاختلاف إلى الطبيعتين ، فإنّ الطبيعة قوة سارية في الجسم منقسمة بانقسامه ، ففي الصغير أقل ممّا في الكبير ، وهي معوقة للحركة القسرية ، فكان الأكبر أبطأ.
قال أفضل المحقّقين : لمّا كان الميل هو السبب القريب للحركة ، وكان من الممتنع أن يتحرّك الجسم إلى جهتين مختلفتين معا بالذات لاقتضاء كلّ حركة منهما التوجه إلى مقصد غير مقصد الأخرى ، ويلزمه عدم التوجّه إلى غير ذلك المقصد ، والحركتان المختلفتان معا يلزمهما التوجّه وعدمه إلى كلّ واحد من المقصدين معا ، ويمتنع أن يقتضي الشيء شيئا وعدمه معا. فكان من الممتنع وجود ميلين مختلفين في جسم واحد بالفعل ، بل كما يجوز اجتماع حركتين في جسم واحد إحداهما بالذات والأخرى بالعرض ، كالمتحرك في السفينة تحرّكه السفينة تارة وبنفسه أخرى ، كذا يوجد ميلان أحدهما ذاتي والآخر عرضي ، كحجر يحمله إنسان يمشي
__________________
(١) راجع المصدر نفسه ، وشرح الاشارات ٢ : ٢١٤ ـ ٢١٥.