أسفل البتة ، بل مبدأ من شأنه أن يحدث ذلك الميل إذا زال العائق» (١).
وقال في الحركة القسرية : «إنّ سببها قوة يستفيد المتحرك من المحرك تثبت فيه مدة إلى أن تبطلها مصاكّات كانت تصطكّ عليه ممّا يماسّه وتنخرق به ، فكلّما ضعفت بذلك قوى عليه الميل الطبيعي والمصاكة ، فمضى المرمي نحو جهة ميله الطبيعي» (٢).
فقوله : «قوى عليه الميل الطبيعي» مشعر بأنّ الميل الطبيعي موجود مع الميل القسري.
والوجه في الجمع بين كلاميه أنّه أراد في الأوّل بالميل : نفس المدافعة ؛ لأنّ قوله : «كيف يكون في الشيء مدافعة إلى جهة والتنحّي عنها» عند طلب بيان امتناع اجتماع الميلين ، يدل على أنّ الميل المدافعة لا علتها ، إذ لو كان الميل عبارة عن علة المدافعة لأمكن أن يجتمعا ، ولا يقتضيان المدافعتين ، كما أنّه لا منافاة بين القوة الطبيعية والقوة الفاعلية للحركة القسرية. وأراد في الثاني بالميل : علّة تلك المدافعة.
فالحاصل : أنّ الضرورة قاضية بامتناع اجتماع المدافعتين. أمّا إذا كانت طبيعيتين فظاهر ؛ لامتناع اقتضاء الطبيعة الواحدة المتنافيين ، وامتناع اجتماع طبيعتين مختلفتين في بسيط واحد. وإن كانت احداهما طبيعية والأخرى قسرية لما عرف من أنّ المدافعة إلى جهة تقتضي التوجه إليها. والحس دل على أنّ الحجر الصاعد ليس فيه مدافعة نحو السفل أصلا ، فإنّ من مسّه لا يحس منه بمدافعة نحو السفل (٣).
__________________
(١) نهاية الفصل الثامن من المقالة الرابعة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.
(٢) أوائل الفصل الرابع عشر من المصدر نفسه.
(٣) الاستدلال بالحجر الصاعد موجود في عبارات الرازي فراجع المصدر نفسه.