اعترض (١) بأنّ نسبة أثر المؤثر الضعيف إلى أثر القوي ربما لا يكون كنسبتهما ، ولا يكفي انقسام قوى الجسم بانقسامه ، لأنّ القوة المؤثرة إنّما تتحصّل عند اجتماع الأجزاء ، ولا تتوزّع عليها ، بل تنعدم عند التجزئة.
وأيضا فإن دلّ ذلك على احتياج الحركة القسرية إلى معاوق ، فقد دلّ على احتياج الطبيعيّة إليه يعني ما ذكرتم وهو «أنّا نفرض الجسم يتحرك بطبعه مسافة ما من غير معاوقة خارجية ولا داخلية ، ثمّ نفرضه متحركا بطبعه مع معاوقة ما تلك المسافة بعينها (٢) ، فإنّه يتحركها في زمان أطول ، ثمّ نفرضه متحركا بطبعه مع معاوقة أقل من الأوّل بنسبة الزمانين ، فتكون حركته مع المعاوقة القليلة كحركته مع عديم المعاوقة». فيلزم أن يكون في الأجسام الطبيعيّة مبدءان لميلين متخالفين ، يعوق كلّ واحد منهما الآخر. فإن قلتم : معاوقة القوام كافية هناك. قلنا : فلتكن أيضا كافية في القسر.
وأيضا يلزم ممّا ذكرتم من الدليل أن يكون في الفلك معاوق له لأنّه مستمر في الجميع.
أجاب أفضل المحقّقين : بأنّ من القوى الجسمانية ما يحلّ في موادّها وينقسم بانقسامها ، فيتساوى الجزء والكل فيها ، وهي كالصور والطبائع ، ومنها ما يحلّ في جملة منها ولا ينقسم بانقسام الجملة كالقوة الحيوانية ، فإنّ الجزء من الحيوان لا يكون حيوانا ، وما نحن فيه من الصنف الأوّل. والاعتراض بالممنوع عن التأثير بسبب الصغر غير وارد ، لأنّه بسبب مانع خارجي ، وقد اشترط في الفرض المذكور عدم الموانع الخارجية. وأمّا الحركة الطبيعيّة فقد حكمنا باحتياجها إلى
__________________
(١) والمعترض هو الرازي.
(٢) العبارة كذا.