لا يوجد السمع.
وعلى ه : بما مرّ من أنّ الحرف إنّما يتكون بإطلاق الهواء بعد حبسه على جنس مخصوص فيكون التموّج الفاعل للحرف ليس مخصوصا بكل الهواء دون أجزائه ، بل هو حاصل في كلّ جزء من أجزائه ، فأي جزء وصل حصل الشعور بما فيه من الصوت.
قال أفضل المحقّقين : القائلون بالتموّج لا يشترطون فيه بقاء الهواء على شكل ، والذي يتمثّلون به من تموّج الماء ليس المراد منه حدوث الشكل المرئي فيه ، بل الكيفية الحاصلة في نفس جرمه ، بسبب القرع ، وانبساط تلك الكيفية في الماء الذي يلي موضع القرع ، فإنّ الشكل يختص (١) بالسطح الظاهر ، والتموّج يحصل في عمق الماء والهواء.
وأيضا لا يقولون بامتناع وجود التموّج في جسم غير الماء والهواء ، بل يجوّزونه في غيرهما ، كما نحسّ به في الأواني الصفريّة وارتعاشها زمانا بسبب القرع ، وإحداثها الصوت بعد القرع زمانا طويلا.
وأيضا إذا حدث القرع على جسم مصمت لا مسامّ له أصلا ، فإنّ السامع يسمع الصوت من غير أن يصل من موضع القرع هواء إلى صماخه ، بل يتأدّى التموّج من ذلك الجسم إلى الهواء الذي يجاوره ، ومن الهواء إلى الصماخ. وإدراك الجهات بسبب هيئة تبقى في الهواء تفيد الإحساس بجهة القرع.
وقال أبو البركات البغدادي : كأنّ النفس تتبع الهواء المقروع في جهة القرع (٢) حتى تحسّ بذلك. وقياس السمع على اللمس لا يجدي بطائل (٣).
وفيه نظر ، فإنّه لو لا بقاء الشكل لم يبق الحرف مضبوطا ولا الكلام محفوظا.
__________________
(١) في النسخ : «يخص» ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) في النسخ : «القارع» ، وما أثبتناه من عبارات الطوسي.
(٣) نقد المحصل : ١٧٥ ـ ١٧٦.