د : قد يسمع كلام الغير من وراء الجدار ، فهنا قد حصل الإدراك من غير وصول ذلك الهواء إلى الصماخ.
لا يقال : يتأدّى الهواء إلى الصماخ في الفرج الحاصلة في مسامّ الجدار.
لأنّا نقول : لا شكّ أنّ الهواء لا يحمل الحروف المخصوصة ما لم يتشكل بأشكال مختلفة مخصوصة عند وصوله إلى مخارج الحروف. ثمّ إنّ الهواء لطيف فكما يتشكل بالشكل المخصوص بسبب ما عرض له من الحبس في مخارج الحروف ، فكذلك لا بدّ أن يتشكل بشكل آخر عند وصوله إلى الجدار ، وحينئذ يزول الشكل الأوّل الذي بسببه حدثت الحروف المخصوصة ، وإذا بطل ذلك الشكل بطل ذلك الحرف.
ه : لو كان وصول التموج شرطا لما حصل السماع للكلام المنتظم إلّا نادرا ، إذ بقاء الشكل محفوظا في الهواء المتموج الذي يفرض له اختلاف الأوضاع في أجزائه بسبب المصادمات والمصاكات له من خارج في غاية الندرة ، والتالي باطل فالمقدم مثله.
واعترض (١) على ب : بأنّ الحامل لكل حرف كلّ جزء من أجزاء الهواء ، فأي جزء وصل إلى الصماخ حصل الشعور بما يحمله من الصوت.
وعلى ج : بأنّا نسلّم ، أنّا ندرك الصوت الحاصل في تلك الجهة ، لكنّا لا ندرك كونه حاصلا في تلك الجهة ، لأنّ كونه في تلك الجهة يستحيل أن يكون متعلّقا بالسمع ، وإذا كان كذلك لم يلزم من إدراك الصوت قبل وصول حامله إلى الصماخ إدراك جهته.
وعلى د : بأنّ الحائل الذي لا منفذ فيه أصلا يمنع من السماع ، لأنّا ندرك أنّه كلما كانت المنافذ أقل كان السمع أضعف ، فيلزم أنّه إذا لم توجد المنافذ أصلا ، أن
__________________
(١) قارن شرح المواقف ٥ : ٢٦٣ ؛ شرح المقاصد ٢ : ٢٧٨.