المتصف بهما هو الخط. وذلك الخط الموصوف بالاستقامة لا يجوز بقاؤه عند زوال الاستقامة، لأنّه عارض للسطح العارض للجسم ، فما لم يتغير حال الجسم استحال تغير حال الخط. ومتى تغير حال الجسم في امتداداته فقد عدم الزائل ، وحدث الطارئ.
فإذن يستحيل أن يبقى الخط المستقيم بعينه عند زوال وصف الاستقامة. فإذن الاستقامة تكون فصلا أو لازمة للفصل ، وكيفما كان وجب أن يكون مخالفا للمستدير بالنوع.
وأيضا فقد عرفت أنّه ما لم يعرض للجسم تغيّر لم يتغيّر حال الخط. ثمّ إنّ الجسم إذا انحنى بعد ما لم يكن كذلك ، فذلك إمّا لأنّه تفرق اتصال خطّه (١) ، ولو كان كذلك لكان ذلك الخط قد انقسم إلى خطوط ، وكلّ واحد منها مستقيم. وإمّا أن يكون لأنّ ذلك الخط بعينه قد امتدّ ، وهو باطل ؛ لأنّ الخط الواحد لا يكون بعينه موضوعا لتوارد الطول والقصر عليه ، لأنّ الخط هو نفس الطول فكيف يكون موردا للطول ، وإذا استحال ذلك امتنع انتقال أحدهما إلى الآخر.
ولأنّه لا معنى للخط المستقيم إلّا تلك النهاية المخصوصة ، فإذا وجد المستدير لم تبق النهاية الأولى ، فلم يبق الخط الذي كان مستقيما.
واعلم أنّ الضرورة تدفع ذلك ، فإنّا نعلم أنّ الغصن الرطب المستقيم يقبل الانحناء ، ولا يعدم حال انحنائه.
تذنيبان (٢) :
الأوّل : الدوائر المختلفة بالصّغر والكبر مختلفة بالنوع ، لأنّه لمّا استحال انتقال الخط الواحد من محدب خاص إلى محدب أقل أو أكثر كان ذلك دليلا على
__________________
(١) س وج والمباحث المشرقية : «حد به» بدل «خطّه».
(٢) راجع نفس المصدر ، وكشف المراد : ٢٥٦.