اللون اجتمع لذلك شيء واحد جملة ، به يقال للشيء : إنّه حسن الصورة أو رديئها. ولو خلا كلّ من اللون والشكل عن صاحبه لم يكن ذلك الحسن ولا ذلك القبح ، بل حسن وقبح آخرين.
فإذن للصورة من حيث هي مجتمعة من الشكل واللون خاصية حال الاجتماع ، ليست تلك خاصية أحد جزئيها ، ولا هي مجموع الخاصيتين من حيث هما معا فقط ، بل إذا كان حسن اللون من حيث هو حسن اللون وحسن الشكل من حيث هو حسن الشكل ولم تكن مناسبة الحسنين مناسبة محدودة ، لم يكن الحسن الذي يعتبر لجملة الصورة ، بل ربما أخرج (١) الحسن الذي للجملة إلى أن لا يكون الحسنان الخاصان على ما ينبغي في الخصوص ، بل كان الحسن لا يقال على المعنى الذي على سبيل الاجتماع منهما ، وعلى المعنى الذي على سبيل الخصوص ، إلّا باشتراك الاسم». (٢)
واعترض أيضا (٣) ، بأنّ الخلقة عبارة عن مجموع اللون والشكل ، وكل واحد منهما داخل تحت جنس آخر ، فلو جعلتم لكل شيئين يجتمعان نوعية على حدة تضاعفت الأنواع إلى غير النهاية ، لا مرة واحدة ، بل مرارا غير متناهية.
وأجيب : بأنّ الشكل إذا قارن اللون حصلت كيفية باعتبارها يصحّ أن يقال للشيء: إنّه حسن الصورة أو قبيحها ، والحسن والقبح الحاصلان للشكل وحده أو اللون وحده غير الحسن والقبح الأوّلين ، فلما حصل للمجتمع من اللون والشكل خاصية (٤) لم يحصل لواحد منهما عرفنا حصول هيئة مخصوصة عند اجتماعهما ، فلهذا جعلنا الخلقة كيفية منفردة.
__________________
(١) في الشفاء : «احوج».
(٢) الفصل الثاني من المقالة السادسة من مقولات الشفاء : ٢١٦ ـ ٢١٧.
(٣) المعترض والمجيب هو الرازي في المباحث المشرقية ١ : ٥٥٣.
(٤) في المصدر : «خاصة».