قال «الشحّام» : وصف الجوهر بكونه متحيّزا مع أنّه غير حاصل في الحيز محال ، ولو جاز ذلك لجاز وصف الذات بكونها عالمة وإن لم يحصل لها العلم.
قال «ابن عياش» : لو كان الجوهر موصوفا بالجوهرية التي هي التحيّز لكان حاصلا في الحيّز والتالي باطل فكذا المقدّم ، فلهذا أثبت الذات خالية عن الجوهرية (١).
ونقل عن «الكعبي» (٢) : أنّ المعدوم شيء ، ولكنّه ليس بجوهر ولا عرض حالة العدم. وهذا راجع إلى مذهب «ابن عيّاش» لأنّه إن أثبت الذوات في العدم خالية عن الصفات ، فهو قول «ابن عيّاش» ، وإن لم يثبتها كان نزاعا في اللفظ حيث سمّى المعدوم شيئا.
الثاني : اتفق الكل إلّا «أبا عبد الله البصري» على أنّه ليس للمعدوم بكونه معدوما صفة. وقال «البصري» : إنّ له صفة بكونه معدوما وهو خطأ ؛ لأنّ علّتها إن كان الذات دام عدمها ، هذا خلف ، وإن كان غيرها ، فإمّا مختار فتكون المعدومية متجدّدة ، هذا خلف ، أو موجب فتدوم المعدوميّة ، وهو محال.
الثالث : اتفقوا على أنّ الجواهر المعدومة لا توصف بأنّها أجسام حال العدم ، إلّا «أبا الحسين الخيّاط» ، فإنّه قال به وكذا «الشحّام».
الرابع : اتفقوا على أنّ بعد العلم بأنّ للعالم صانعا عالما قادرا حيّا حكيما مرسلا للرسل ، يمكننا الشك في أنّه هل هو موجود أم لا؟ إلى أن نعرف بالدليل ، لأنّهم جوّزوا اتّصاف المعدوم بالصفات ، فلا بدّ من دلالة منفصلة على وجوده تعالى بعد العلم بكونه موصوفا بصفة العالمية والقادرية.
واتفق باقي العقلاء على إنكار ذلك ، وأنّه جهالة ، وإلّا لزم الشك في وجود الأجسام ، فإنّا لا نعلم إلّا صفاتها كالحركة والسكون (٣).
__________________
(١) وهي في المحصل للرازي «عن الصفات».
(٢) في هامش ج : «وهو البلخي» ، وقد مرّت ترجمته آنفا.
(٣) أنظر المحصل : ٨٤ ـ ٨٥.