يشتمل على الدور ، فإنّا إنّما نعرّف كلّ واحد من هذه بسلب الآخرين عنه. فنقول : «الممكن : هو الذي لا يجب وجوده ولا يمتنع» ، أو «الذي ليس بضروري في طرفي وجوده وعدمه» ثمّ نقول : «الواجب : هو الذي لا يمكن عدمه» ، أو «الذي يستحيل عدمه»، و «الضروري : هو الذي لا يمكن عدمه (١) ، أو لا يمكن وجوده» (٢). و «الممتنع : هو الذي لا يمكن وجوده».
فقد ظهر لك لزوم الدور في هذه التعريفات. فان قبلت هذه التعريفات على سبيل التعريف اللفظي أمكن ، ولكن لا يكون تعريفا حقيقيا.
واعلم أنّ هذه الأمور الثلاثة متفاوتة عند العقل ، فإنّ كلّ ما هو أقرب إلى طبيعة الوجود كان أعرف عند العقل ، وما كان أقرب إلى طبيعة العدم كان أبعد ، ولمّا كان الوجوب هو تأكّد الوجود ، كان أقرب إليه ، وكان أعرف عند العقل. ولمّا كان الامتناع أبعد ، كان الإمكان متوسطا بينهما.
فإذا أريد التعريف اللفظي فليؤخذ الوجوب بيّنا (٣) ، ثمّ يعرّف الإمكان بسلب الضرورة عن الطرفين ، والامتناع بإثبات الضرورة على السلب.
__________________
(١) إذا كان ضروري الوجود.
(٢) إذا كان ضروري العدم.
(٣) حاصله أن يعرّف الإمكان والامتناع بالوجوب ، لأنّه أعرف عند العقل ، ولأنّه أقرب إلى الوجود ، دون أن يعرّف الوجوب بهما.