سلب غيره عنه ، وإذا كانت السلوب بأسرها متأخرة عن وجود الشيء ، وكان الوجوب متقدما عليه لم يكن سلبيا ، وإلّا لكان متقدّما متأخرا ، هذا خلف.
الرابع : الوجوب تأكد الوجود ، والشيء لا يتأكّد بنقيضه ، فيكون الوجوب ثبوتيا.
الخامس : الوجوب نقيض الامتناع ، والامتناع عدمي ـ وإلّا لكان الموصوف به ثابتا ـ فيكون الوجوب ثبوتيا (١).
والجواب عن الأوّل : أنّ استحقاق الوجود أمر اعتباري حكمه في الثبوت والانتفاء واحد ، وإذا كان أمرا اعتباريا لم يكن وجوديّا ولا يلزم أن يكون نقيضه ثبوتيا ، كما أنّ الامتناع أمر اعتباري ، ونقيضه قد يصدق على المعدوم.
ولأنّ قولكم اللااستحقاق محمول على الممتنع والممكن ، وهما معدومان مغالطة ؛ لأنّ الممتنع إن كان له في نفسه تخصص (٢) أمكن وصفه بالامتناع والوصف الثبوتي ، وإن لم يكن له في نفسه تخصص (٣) بحيث يستعدّ للموضوعية (٤) ، ولا الامتناع أمرا معقولا بحيث يستعدّ للمحمولية ، لم يكن الحكم بالامتناع على الممتنع ، إلّا من حيث إنّ الذهن يستحضر ماهية ثم يحكم عليها بامتناع حصول الوجود الخارجي لها ، فالمحكوم عليه بهذا الحكم هو تلك الماهية المحصّلة في الذهن ، والحكم هو امتناع حصول الوجود الخارجي لها ، وحينئذ يكون المحكوم عليه بالامتناع أمرا ثبوتيا في الذهن (٥).
__________________
(١) أنظر الوجوه في «المباحث المشرقية» ١ : ٢٠٨ ؛ لمواقف : ٦٩ ـ ٧٠.
(٢) و (٣) ق : «تخصيص».
(٤) ق : «الموضوعية» ، وفي عبارات الرازي «للموضوعية» وهو الصواب.
(٥) راجع المباحث المشرقية ١ : ٢٠٨.