قال أفضل المحقّقين (١) : «إذا كان الوجوب سلبيّا لم يلزم منه أن يكون نقيضا للوجود ، لأنّ السلبي هو «سلب شيء عن شيء» وسلب شيء عن الوجود لا يكون (٢) حمل العدم عليه. وأيضا إن كان الوجوب واللاوجوب نقيضين يعني يقتسمان (٣) جميع الاحتمالات ، والوجود والعدم كذلك ، وكان المعدوم (٤) محمولا على اللاوجوب ، فلا يلزم أن يكون الوجود محمولا على الوجوب حملا كليّا ، لأنّه من الجائز أن يكون بعض ما هو وجوب عدميا ، فإنّ الممكن العام والممتنع نقيضان بالوجه المذكور ، والممتنع عدميّ ، فلا يجب أن يكون كلّ ما هو ممكن بالإمكان العام وجوديا ، بل بعضه وجودي وبعضه عدمي»(٥).
وفيه نظر ؛ فإنّ الوجود والعدم متناقضان وإذا صدق أحدهما على شيء استحال صدق الآخر عليه ، فيصدق على نقيضه. والنقض بالممكن العام والممتنع ، فيه مغالطة ، فإنّ المدّعى «أنّ الوصف إذا كان ثبوتيا كان نقيضه عدميا» لا ما صدق عليه الوصف من الماهيات الموضوعة لذلك الوصف.
وعن الثاني : أنّ الصفات اللازمة للماهية ، والأحكام الثابتة لها ، لا تتوقف على وجود تلك الماهية في الذهن أو في الخارج ، بل هي مستندة إليها سواء فرضها فارض أو لا ، فإنّ الممتنع ممتنع في نفسه ، بمعنى أنّه متى عقل الذهن ماهية الممتنع بجميع لوازمها ، عقل لها الوصف بالامتناع ، لا بمعنى كون الامتناع ثابتا في الخارج ، ولا بمعنى كونه ثابتا في الذهن غير مطابق للخارج بحيث يكون جهلا ، بل بمعنى أنّه وصف لازم لها. وكما لا يلزم من اقتضاء ماهية الممتنع
__________________
(١) م : «وقال» وهو المحقّق الطوسي ، كما ذكرنا في المقدمة.
(٢) كذا في النسخ المخطوطة.
(٣) ج : «يقسمان»
(٤) وفي المصدر : العدم.
(٥) نقد المحصل : ٩٥.