سواسية فالجميع عبيد له سبحانه ، إذاً المقصود من الآية «العبد» مقابل «الحرّ» ، فلا بدّ حينئذ من بيان هذه العبودية ، وانّ العبد الذي جاء ذكره في القرآن عبد لمن؟
لا ريب أنّ المراد منه الإنسان الذي يكون عبداً لغيره ، والذي يمتلك زمام أُموره ويتسلّط عليه وفقاً للقانون والتشريع الإسلامي.
وفي آية أُخرى نجد القرآن المجيد وفي مجال الحثّ على التزويج والترغيب فيه يقول :
(وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ). (١)
وحينئذ نتساءل الآية تقصد عبد من؟ وأمة من؟ لا شكّ أنّها تقصد العبد أو الأمة اللذين تسلط عليهما مالكهما بطريقة شرعية.
بعد هذه المقدمة يتّضح لنا وبجلاء أنّ العبودية النابعة من الخالقية والربوبية لا يمكن أن تضاف إلى غيره سبحانه وتعالى ، فالكلّ عبيده بما فيهم الأنبياء والأولياء فضلاً عن عامّة الناس ، وأمّا العبودية النابعة من التشريع والتقنين فمن الممكن أن تنسب إلى غيره سبحانه فيقال : «زيد غلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، و «قنبر غلام علي» و «فلان عبد زيد» و «فلانة أمة فلان» وهكذا.
وبالالتفات إلى هذين النوعين من العبودية نفهم : أنّ العبودية القانونية رمز للطاعة والتبعية للمولى ، أي ينبغي على العبد أو الأمة إطاعة مولاهما واتّباع أوامره ونواهيه ، ولقد حدّد الفقه الإسلامي دائرة تلك الأوامر والنواهي ومقدار دائرة حقّ المولى على عبيده وإمائه. ومن هنا نعرف انّ الغاية من تسمية الأبناء ب ـ «عبد النبي»
__________________
(١) النور : ٣٢.