أجيب بعدم اتحاد الوسط ؛ إذ هو في الكبرى الضمير لذاته ، وفي صغراه لغيره.
ومنهم النظّام قال : لا يقدر على القبيح وإلّا لصدر عنه فيكون فاعله جاهلا أو محتاجا ، وهو محال فيكون الفعل محالا فلا يقدر عليه.
وأجيب بأنّ المحال لازم من الوقوع بالفعل لا من القدرة عليه. وأيضا وسط القياس مختلف ، إذ المحال في الصغرى للغير وفي الكبرى للذات.
ومنهم البلخي (١) قال : لا يقدر على مثل مقدور عبده ؛ لأنّه طاعة أو سفه أو عبث ، والكلّ محال عليه تعالى.
وأجيب بأنّها أوصاف عارضة لا تقدح في التماثل الذاتي ، وإن قدحت جاز التعلق نظرا إلى القدرة لا إلى الداعي ؛ فإنّ كلّا من الثلاثة ممكن ، وكلّ ممكن مقدور ، لكن الصارف يصرفه عن ذلك.
وبأنّه إن أراد بالعبث ما ليس بطاعة منعنا عدم جوازه من الله ؛ فإنّ أفعاله كلّها كذلك.
وإن أراد ما ليس له علّة صحيحة عقلا وشرعا فالحصر ممنوع ؛ فإنّ المباح ليس طاعة ولا عبثا بهذا التفسير.
وكذا قال : لا يقدر أن يخلق فينا ، علما ضروريا بما علمناه استدلالا وإلّا لجاز أن يخلق فينا العلم بقدرة زيد المعلوم وجوده اكتسابا ، ثمّ نشكّ في وجوده فنشكّ في قدرته ، فيلزم السفسطة بوقوع الشكّ في الضروريات.
وأجيب بأنّ التقدير : أنّه معلوم بالكسب ، وعلى تقدير العلم بالشيء يكون عدم العلم (٢) محالا ، والمحال جاز أن يلزمه المحال.
ومنهم الجبائيان قالا : لا يقدر على عين مقدور العبد وإلّا لاجتمع قادران على
__________________
ـ هو الوجوب الذاتي والامتناع الذاتي وإذا لم يتّحد أوسط القياس لم يحصل الإنتاج ـ راجع ص ٩٦ طبعة بمبئي.
(١) أبو القاسم الكعبي يقال له : البلخي أيضا توفّي سنة ٣١٧ كان رأس طائفة من المعتزلة يقال لهم : الكعبية ، له آراء في علم الكلام.
(٢) عدم العلم خ : (آ) ـ وعدم الشك ـ خ : (د).