مقدور واحد وهو محال ، وإلّا لزم وقوعه نظرا إلى إرادة أحدهما وعدمه نظرا إلى كراهة الآخر ، فيكون واقعا غير واقع ، هذا خلف.
وأجيب بأنّه تقدير (١) فعل أقوى القادرين كما إذا أراده الله وكره العبد ، ومنع قوة القادر القوي الآخر لا يخرجه عن كونه قادرا ؛ إذ فعل القادر مشروط بعدم المانع.
الثاني : كونه تعالى عالما بمعنى انكشاف الأشياء له وكونها غير غائبة عنه ؛ لأنّه مختار كما تقدّم ، وكلّ مختار عالم ، لتبعية فعله لداعيه الذي هو العلم الفعلي بما انعقد عليه الباعث على إيجاده.
ولأنّه فعل فعلا محكما ، أي مستتبعا لخواصّ كثيرة ومنافع عظيمة ، وكلّ من كان كذلك فهو عالم.
أمّا الصغرى فحسيّة ننبّه عليها بوجوه :
الأوّل : العالم الفلكي من نظر فيه عرف كيفية نظام أفلاكه وكيفية نضدها وسيرها على مدارات مختلفة ، وحصول الأوجات والحضيضات بخوارج مراكز وأفلاك ممثلات وأفلاك تداوير ، وما يترتب على الحركات المخصوصة من الفوائد ، فإنّ قرب الشمس من رءوسنا يترتّب عليه نضج الثمار بالسخونة ، وبعدها عنّا يترتّب عليه حصول البرد في الجوّ فتحتقن الحرارة في باطن الأرض فتتكوّن الأبخرة ، والمحلّل الخارجي ضعيف فتحدث الغيوم والأمطار ، فيحصل النبات.
وبالجملة جميع الأحوال الفلكية من نظر في علم تشريحها علم ضرورة أنّها لا تصدر إلّا من لطيف خبير.
الثاني : خلق العالم العنصري ووضع استقصائه بعضها فوق بعض وكيفية تكون المركبات الثلاث : المعدن والحيوان والنبات منها ، وحصول الخواصّ والفوائد فيها ـ كما هو مذكور في مظانّه ـ دليل ظاهر على فاعل عليم حكيم.
__________________
(١) تقدير ـ خ : (د) ـ ويقع ـ خ : (آ).