أمّا الأوّل ؛ فلأنّه عليهالسلام لما جلس لعرض الخيل عليه ، قال : إنّي أحببت حبّ الخيل (١) مبالغة في حبّه ؛ فإنّ الشخص قد يحبّ شيئا ولا يحبّ أن يحبّه ، وأمّا إذا أحبّه وأحبّ أن يحبّه فذلك مبالغة في حبّه وقال : إنّ ذلك عن ذكر ربّي ، أي هذه المحبّة بسبب ذكر ربّي وعن أمره لا عن هوى النفس ، فإنّ رباط الخيل مندوب إليه شرعا كما في شرعنا ، ثمّ أمر بإركاضها حتّى غابت عنه رياضة لها ، ثمّ أمر بردّها وجعل يمسح سوقها وأعناقها تشريفا لها ، أو إظهار الرحمة بها (٢) وشفقته ، أو لأنّها أعظم الأعوان في دفع العدو ، أو لاهتمامه بمصالح الدين والدنيا (٣) ، فعلى هذا يكون الضميران عائدين إلى الخيل ، ويكون الكلام آخذ بعضه بحجزة بعض (٤).
وأمّا الثاني ، وهو عود الضمير إلى الشمس الذي هو مبنى الشبهة فغير صحيح.
أمّا أوّلا ؛ فلأنّه عود إلى غير مذكور ، وهو خلاف الأصل.
وأمّا ثانيا ؛ فلأنّ ذلك يقتضي عود الضمير في ردّها إلى الشمس أيضا ، ليكون الكلام مرتبطا (٥) بعضه ببعض ، وذلك باطل لقوله : ردّوها ، فظاهره خطاب العارضين للخيل وهم لا قدرة لهم على ردّ الشمس ، وخطاب الله به غير لائق بخطاب الأنبياء له تعالى.
الثاني : قوله تعالى : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) (٦) قيل : إنّ جنّا اسمه صخر تمثّل بصورته ، وجلس على سريره ، وأخذ خاتمه الذي فيه النبوة ، وألقاه في البحر فذهبت نبوّته ، فأنكره قومه حتّى عاد إليه من بطن السمكة.
والجواب : أمّا الآية ففيها وجوه :
الأوّل : المراد بالفتنة الابتلاء والامتحان ، بأن أمرضه مرضا شديدا ، وألقى جسده على كرسيه من شدّة المرض فصار كالميّت كما يقال : لحم على وضم وجسد بلا روح ،
__________________
(١) الخير ـ خ : (آ).
(٢) رحمته بها ـ خ : (آ).
(٣) الدنيا ـ خ : (د).
(٤) أي متناظم متناسق.
(٥) مرتبة ـ خ : ـ (د).
(٦) ص ٣٨ : ٣٤.