على معنى شدّة الضعف ، وحذف الهاء مبالغة.
الثاني : قيل : إنّ سليمان عليهالسلام قال : لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة فتلد كلّ امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله ، ولم يقل : إن شاء الله فطاف فلم تحمل إلّا امرأة واحدة جاءت بولد نصف غلام ، فجاءت إليه القابلة وألقته على كرسيه فكان الابتلاء بترك الاستثناء.
الثالث : قيل : إنّه عليهالسلام ولد له غلام فخاف عليه من الشيطان ، وأمر السحاب فحملته وأمر الريح أن يحمل إليه غذاءه ، فمات الولد وألقي ميّتا على كرسيه.
وأمّا الحكاية الخبيثة وكتاب الله ونبيه مبرّءان منها ؛ لأنّ النبوّة لا تكون في خاتم ولا يسلبها الله تعالى عن أهلها ، ولا يجوز أيضا تمكين الجنّي من التشبيه بصورة سليمان والتلبيس على قومه.
الرابع : قول سليمان عليهالسلام : (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (١) وهذا فيه إشعار بالحسد.
والجواب من وجوه :
الأوّل : أنّه طلبه ليكون معجزة له في ذلك الزمان وأهله كانوا يتنافسون (٢) في الملك والمال والجاه ، ومعجزة كلّ نبي من جنس ما يعجز به أهل زمانه ، أي أعطني ملكا لا ينبغي(٣) حصوله لأحد من أهل زماني.
الثاني : أنّه ليس في الآية إشعار بملك الدنيا فجاز أن يكون ملك الآخرة ، أي ملكا لا ينتقل عنّي لما علم عند مرضه أنّ ملكه ينتقل عنه إلى غيره ، فلمّا رجع إلى الصحّة سأل ذلك.
الثالث : أنّه لما تقرّر عند أكثر الناس أنّ الاشتغال بالملك يلهي عن الطاعة والإقبال عليها ، فسأل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ويكون مع ذلك غير مشتغل عن الطاعة.
__________________
(١) ص ٣٨ : ٣٥.
(٢) يتباهون ـ خ : (آ).
(٣) لا يمكن ـ خ : (آ).