على الجميع (١).
وفيه نظر ؛ لأنا نمنع أنّه من قدر على كلّ واحد قدر على الجميع ، لجواز اشتمال الجمع (٢) على حال ليس للأفراد ، وهو عين المتنازع مع أنّه كان يجب أن يكون في غاية الركّة ، إذ الصرفة عن الركيك أبلغ في الإعجاز ، وأيضا كان يجب وجدانهم ذلك من أنفسهم ، ولكان الصرف هو المعجز لا القرآن ، وقيل : الأسلوب الذي له ، وقال الجويني : الأسلوب والفصاحة ، وقيل : هما مع الاشتمال على العلوم الشريفة كعلم التوحيد والسلوك وتهذيب الأخلاق ؛ لوجود الفصاحة في كلام بعضهم مع عدم الأسلوب ، وكلام مسيلمة كأسلوبه لا كفصاحته وجمعهما نادر ؛ لأنّ تكلّف الأسلوب يذهب بالفصاحة ، وأمّا العلوم فلم يوجد في كلامهم لها أثر ولا عين إلّا ما ورد عن قسّ (٣) ، لكنّه نقل عن الكتب الإلهية وهذا القول قريب (٤).
__________________
(١) الجمع ـ خ : (آ).
(٢) الجميع ـ خ : (آ).
(٣) قس بن ساعدة حكيم العرب في الجاهلية ذكره الشيخ الصدوق (ره) في إكمال الدين والشيخ المفيد (ره) في المجالس والكراجكي (ره) في كنز الفوائد وغيرهم من علماء الإسلام ، وهو الذي بشّر بقرب ظهور رسول اللهصلىاللهعليهوآله وإظهاره الرسالة وقال : ما لله على الأرض دين أحبّ إليه من دين قد أظلّكم زمانه وأدرككم أوانه ، طوبى لمن أدرك صاحبه فبايعه ، وويل لمن أدركه ففارقه.
(٤) هذه الأقوال التي نقلها المصنّف (ره) في وجه إعجاز القرآن هي أقوال المتكلّمين في القرون السالفة ، فذكر كلّ منهم وجها لإعجازه فحسب أنّه هو الوجه فيه لا غير ، بل كلّ تلك الوجوه موجودة في إعجازه مضافا إلى الوجوه التي ذكروها في الكتب المؤلّفة في إعجاز القرآن ، ولا سيما في القرن الذي نحن نعيش فيه ومن الكتب الممتعة في هذا الباب كتاب إعجاز القرآن لأديب العربية الكبير مصطفى صادق الرافعي. نعم القول بالصرفة لا ينبغي المصير إليه.
وقال السيوطي في كتابه معترك الأقران في إعجاز القرآن : وأنهى بعضهم وجوه إعجازه إلى ثمانين. والصواب أنّه لا نهاية لوجوه إعجازه كما قال السكّاكي في المفتاح : اعلم أنّ إعجاز القرآن يدرك ، ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة. وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة إلّا بإتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيها ، انظر ج ١ ، ص ٣ ـ ٤.
وقال السيوطي : وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كتابه ، فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده. فإذا علمت عجز الخلق عن تحصيل وجوه إعجازه ، فما فائدة ذكرها؟ لكنا ـ