الثاني : أنّه ظهر عنه أمور خارقة كنبوع الماء من بين أصابعه ، وتسبيح الحصى في كفّه وحنين الجذع وانشقاق القمر ، وإقبال الشجر وإطعام الخلق الكثير من الطعام اليسير ، وكلام الحيوان الأعجم وإخباره عليهالسلام بالمغيّبات ، وغيرها مما يبلغ الألف.
لا يقال : نمنع نقل (١) ذلك تواترا ، وآحادا لا يفيد هنا ؛ إذ المسألة علمية.
سلّمنا لكن نمنع كونها من فعل الله ؛ لجواز أن يكون له خاصّة نفسانية أو بدنية أو ذاتية يقدر معها على ذلك.
سلّمنا لكن لم لا يجوز أن يكون بإعانة بعض الجنّ والشياطين أو يفعل الملائكة استقلالا وإعانة؟
لأنّا نجيب عن الأوّل بأنّها متواترة معنى ، كشجاعة علي عليهالسلام وسخاء حاتم ، لاشتراكها بجملتها في ظهور الخارق على يده ، ولإحالة العقل كذب كلّها ، فأيّها صدق كفى في الباب.
وعن الثاني والثالث بأنّه ادّعى كونها من فعل الله ، فلو كان كاذبا لكان الله فاعلا للقبيح بتمكينه أو تمكين من أعانه.
الثالث : أنّه لا نزاع في كونه عليهالسلام نشأ يتيما لا مال له ولا أعوان على أمره ، ولم يسافر من بلده إلّا مرّتين في زمان يسير ، واشتهر عنه أنّه لم يجتمع بأحد من العلماء والحكماء ولا الكهنة وانقضى من عمره من انقضى على ذلك (٢) ثمّ إنّه ظهر عنه مثل هذا الكتاب
__________________
ـ نذكر بعضها تطفّلا على من سبق ... ص ١١.
(١) نقل ـ خ : (د) كون ـ خ : (آ).
(٢) وممّا هو بديهي من حالات رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعلوم بالضرورة من تاريخه الواضح المكشوف عند المسلمين وغيرهم ـ وقد ضبطوا تواريخه من حال طفوليته إلى آخر أيام حياته المقدّسة بحيث لم يتيسّر ذلك لأحد من الأنبياء السالفين ـ أنه لم يقرأ ولم يكتب ولم يتعلّم عند أحد من أهل زمانه لا في موطنه الحجاز ولا في غيرها ، ولذلك لم يتفوّه بذلك أحد ممّن ألّف في تاريخ حياته المباركة مع كثرة كتب التواريخ الاسلامية وغيرها ، ولكن من جنايات جمع من المستشرقين في هذه الأعصار المتأخرة وأذنابهم الخونة وهم عمّال الاستعمار الغاشم والسياسة الغاشمة الغربية وغرضهم التحامل على القرآن والإسلام ، حاولوا أن يشوّهوا تاريخ حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله بجعل الأفائك والمفتريات ، فنسبوا إليه أنّه تلقّى من الراهب في بصرى في سفره ـ