وهو ثلاثة ، والأوّل باطل إجماعا ؛ لأنّه تعالى وعدهم بالتمكين ، وعلي عليهالسلام ومن بعده لم يكونوا كذلك ، لكونهم في الخوف والتقية فتعيّن الثاني وهو المطلوب.
والجواب بالمنع من اختصاص الصحابة بالخطاب (١) ، إذ اللفظ عام والعبرة بعمومه ، سلّمنا لكن لا نسلّم اختصاصه بالخلفاء ، أمّا ظاهرا فلأنّ الإيمان وعمل الصالحات ليس مختصّا بهم ، بل جميع الصحابة كانوا كذلك خصوصا عند الخصم ، فإنّهم عندهم عدول كلّهم ، وأمّا حقيقة فلأنّ التمكين لم يكن مختصّا بالخلفاء بل سائر الصحابة كانوا آمنين ومكّن لهم دينهم بأن أظهره على الدين كلّه.
سلّمنا لكن لا نسلّم الإجماع على بطلان الأوّل ، وما ذكرتم من عدم تمكينهم (٢) لا يقدح في استخلافهم ، إذ التمكين المذكور هو في الدين ؛ لدلالة الآية عليه صريحا ، وذلك كان ثابتا لعليّ عليهالسلام وابنيه اتّفاقا.
هذا كلّه إذا كان المراد بالاستخلاف جعلهم خلفاء ، أي رؤساء رئاسة عامة في الدين والدنيا ، لكنه ممنوع ؛ لجواز أن يكون المراد مدلوله اللغوي فيكون المراد : ليورثهم أرض الكفّار من العرب والعجم ويجعلهم سكّانها ، كما استخلف الذين من قبلهم ، يعني بني اسرائيل إذ أهلك الجبابرة بمصر وأورثهم (٣) أرضهم وأموالهم.
الثاني : قوله تعالى : (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) (٤) فالداعي المحظور مخالفته لا يجوز أن يكون محمّدا صلىاللهعليهوآله ، لقوله : لن تتبعونا ، ولا عليا عليهالسلام ؛ لأنّه ما حارب كافرا في أيّام خلافته ، والحرب هنا مع الكفار ؛ لقوله : (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي إلى أن يسلموا ، ولا من ملك بعده وفاقا ، فتعيّن من كان قبله وهو المطلوب.
الجواب بالمنع من أنّه أبو بكر ومن بعده ؛ لجواز أن يكون محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله ،
__________________
(١) من اختصاص الخطاب بالصحابة ـ خ : (آ).
(٢) تمكنهم ـ خ : (آ).
(٣) بتوريثهم ـ خ : (آ).
(٤) الفتح ٤٨ : ١٦.