الثالث : أنّ عليّا عليهالسلام وجماعة لمّا امتنعوا من البيعة والتجئوا إلى بيت فاطمة عليهاالسلام منكرين ببيعته ، بعث إليها عمر حتّى ضربها على بطنها وأسقطت سقطا اسمه محسن ، وأضرم النار ليحرق عليهم البيت وفيه فاطمة عليهاالسلام وجماعة من بني هاشم ، فأخرجوا عليّاعليهالسلام قهرا بحمائل سيفه يقاد.
لا يقال : هذا الخبر يختصّ الشيعة بروايته ، فيجوز أن يكون موضوعا للتشنيع به عليه.
لأنّا نقول : ورد أيضا من طريق الخصم ، رواه البلاذري وابن عبد البرّ وغيرهما (١) ويؤيّده قوله عند موته : ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه.
الرابع : أنّه روى يوم السقيفة الأئمة من قريش ، ثمّ إنّه عند موته قال : ليتني سألت
__________________
ـ ويردّه أنه من باب قوله تعالى : (إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أضاف البيوت إليهن لاختصاصهن بسكناها ؛ لأنّ الإضافة تكفي فيها أدنى ملابسة ، والمراد من البيوت هو بيوت الأزواج وأضيفت إلى الزوجات بملابسة السكنى ، فإنّها لو كان ملكا لهن لما جاز إخراجهنّ عند الفاحشة ، وقد أباح الله تعالى إخراجهن عند إتيانهن بالفاحشة بقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ).
فكذا الحال في إضافة البيت إلى عائشة في المحاورات. وأضف إلى ما ذكرنا أنّ قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) معارض بقوله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) في الاستعمال الحقيقي أو المجازي ، وهي صريحة في نسبة البيوت إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وظاهرة في ملكه لها ؛ إذ شأن الرجال ملك مساكنهم كما هو الغالب ، بخلاف النساء ولا سيما ذوات الأزواج ، ومجرد إضافة البيوت إليهنّ لا تستلزم الانتقال إليهن كما هو واضح ، فظهر أنّ النسبة في قوله تعالى : (وَقَرْنَ ...) وقوله تعالى : (مِنْ بُيُوتِهِنَّ ...) مجازية وأمّا في قوله تعالى : (بُيُوتَ النَّبِيِّ) حقيقة ، مضافا إلى ما يستفاد من الأحاديث المروية في كتب أهل السنة : أنّ البيوت كانت ملكا للنبيّصلىاللهعليهوآله. فقد روى الطبري في تاريخه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : إذا غسّلتموني كفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري». انظر ، ج ٢ ، ص ٤٣٥ طبعة مصر سنة ١٣٥٧ ، ونظير هذا الخبر كثير في كتبهم وصحاحهم ، فراجع.
(١) انظر تاريخ الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٠٢ طبعة دائرة المعارف ؛ الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ، ص ١٢ ؛ شرح النهج لابن أبي الحديد ج ١ ، ص ١٣٤ ؛ أعلام النساء ج ٣ ، ص ١٢٠٥ ؛ الإمام علي عبد الفتاح ج ١ ، ص ٢٢٥ ، العقد الفريد ج ٤ ، ص ٢٥٩ طبعة مصر سنة ١٣٦٣ ؛ تلخيص الشافي للشيخ (ره) نقلا عن البلاذري ج ٣ ، ص ٧٦ طبعة النجف وص ١٥٦.